عند من يثبت عالَماً مقداريّاً مجرّداً له آثار المادّة دون نفس المادّة (١).
الثاني : أنّ العدد لا تضادّ فيه ، لأنّ من شروط التضادّ غاية الخلاف بين المتضادّين ، وليست بين عددين غاية الخلاف ، إذ كلّ مرتبتَيْن مفروضتَيْن من العدد فإنّ الأكثر منهما يزيد بعداً من الأقلّ باضافةِ واحد عليه (٢).
وأمّا الإحتجاج عليه (٣) : بأنّ كلّ مرتبة من العدد متقوّم بما هو دونه ، والضدّ لا يتقوّم بالضدّ.
ففيه (٤) : أنّ المرتبة من العدد لو تركّبت ممّا دونها من المراتب كانت المراتب التي تحتها في جواز تقويمها على السواء ، كالعشرة ـ مثلا ـ يجوز فرض تركّبها من تسعة وواحدة ، وثمانية وإثنين ، وسبعة وثلاثة ، وستّة وأربعة ، وخمسة وخمسة ، وتعيُّن بعضها للجزئيّة ترجٌّحٌ بلا مرجِّح ، وهو محالٌ.
وقول الرياضيّين : «إنّ العشرة مجموع الثمانية والإثنين» (٥) ، معناه مساواة مرتبة من العدد لمرتبتَيْن ، لا كونُ المرتبة ـ وهي نوعٌ واحدٌ ـ عين المرتبتَيْن ـ وهما نوعان إثنان ـ.
ونظير الكلام يجري في الكمّ المتّصل مطلقاً.
وكذا لا يضادّ الجسم التعليميّ سطحاً ولا خطّاً ، ولا سطحٌ خطّاً (٦) ، إذ لا
__________________
(١) راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٨٦ ، والأسفار ج ٤ ص ١٨.
(٢) راجع منطق أرسطو ج ١ ص ٤٥ ، والأسفار ج ٤ ص ١٨ ـ ١٩ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٨٨ ـ ١٩٠ ، وكشف المراد ص ٢٠٥ ، وشرح المنظومة ص ١٣٨ ، والفصل الثاني من المقالة الرابعة من الفن الثاني من منطق الشفاء ، والمطارحات ص ٢٤٠ ـ ٢٤٢ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ١٨٤.
(٣) كذا احتجّ عليه فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٨٨. وتبعه كثيرٌ ممّن تأخّر عنه كالمحقّق الطوسيّ والعلاّمة الحلّيّ في كشف المراد ص ٢٠٥ ، وصدر المتألّهين في الأسفار ج ٤ ص ١٨ ، وابن سهلان الساوجيّ في البصائر النصيريّة ص ٢٨.
(٤) هذا الإشكال أورده الحكيم السبزواريّ في حاشية شرح المنظومة ص ١٣٨. وتعرّض له المحقّق الآمليّ في درر الفوائد ص ٣٩٩.
(٥) قال الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء : «ولهذا ما قال الفيلسوف المقدّم : لا تحسبَنّ أنّ ستّةً ثلاثةٌ وثلاثةٌ ، بل هو ستة مرّة واحدة».
(٦) أي ولا يضادّ سطحٌ خطّاً.