.................................................................................................
______________________________________________________
مورده الحنطة وأنّها بنفسها لا تقلّ عن الصاع دون المتّخذ منه ، فلا مانع من العمل به بعد عدم قيام إجماع على خلافه.
وأمّا الخبز فإن كان أصله صاعاً من الحنطة المستلزم لكون وزنه الفعلي صاعاً ونصف الزيادة بعد الطبخ بمقدار الثلث من أجل المزيج وهو الماء فلا إشكال في الاكتفاء كما عرفت في الدقيق ، بل هو أولى ، لكونه أنفع بحال الفقير. وأمّا لو كان وزنه الفعلي صاعاً واحداً المستلزم لكون الحنطة المتّخذ هو منها أقلّ بمقدار الثلث فيجري فيه الإشكال المتقدّم في الدقيق ، فإن أمكن التعدّي من مورد الصحيح بأن يكون النقص هنا بإزاء أجر الطبخ كما كان في الدقيق بإزاء أجر الطحن فهو ولكنّه مشكل جدّاً.
بل الظاهر عدم الإجزاء ، إذ المنسبق من الأدلّة لزوم دفع صاع من نفس الحنطة الخالصة أو الشعير كذلك لا بضميمة المزيج ، بل لا يجزئ حتّى لو كان المزيج من جنس الفطرة ، ولذا لا يكفي الصاع الملفّق من الحنطة والشعير كما سيجيء (١) ، فضلاً عن كونه من غير الجنس كالماء المشتمل عليه الخبز ، فإذا لم يجز المزيج من الجنس فمن غيره بطريق أولى ، إذ لا يحتمل أنّ نصف صاع من الحنطة لا يجزئ وبعد طحنها ومزجها بالماء وصيرورتها عجيناً يجزئ مع بلوغ الصاع ، فليس كلّ ما كان صاعاً قابلاً للأكل مجزئاً ، بل لا بدّ وأن تكون المواد صاعاً إمّا من الحنطة أو الشعير ونحوهما.
ويؤكّده أنّ الخبز كان كثير الوجود ومتعارفاً بيعه في الأسواق ، ومع ذلك لم يذكر في شيء من الأخبار ، فلو كان الصاع منه مجزئاً لكان أولى بالذكر من الحنطة ونحوها كما لا يخفى ، لكثرة وجوده وكثرة حاجة الفقير إليه ، بل هو أنفع بحاله.
__________________
(١) في ص ٤٤٨.