.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الثاني : فقد عرفت فيما سبق جواز كلّ من التمليك والصرف وعدم الاختصاص بالأوّل. وعليه ، فلا مانع من دفع الزكاة إلى الفقير صرفاً إن قلنا بامتناعه تمليكاً ، للبناء على أنّه لا يملك.
هذا كلّه ما تقتضيه القاعدة.
وأمّا بحسب الأخبار فقد ورد في صحيحة ابن سنان المتقدّمة أنّه : «لم يعط من الزكاة شيئاً» وظاهرها اعتبار الحرّيّة في المستحقّ ، لكنّها مطلقة من حيث كون المعطي نفس المالك أو غيره ، فلتحمل على الأوّل بقرينة التعليل الوارد في ذيل صحيحة ابن الحجّاج المانعة عن دفع الزكاة لجمعٍ منهم المملوك بقوله : «وذلك أنّهم عياله لازمون له» (١) ، حيث يظهر منه أنّ عدم جواز الإنفاق ليس لأمر ذاتي وهو كونه مملوكاً ليشمل المولى وغيره ، وإلّا لكان الإعراض عنه والتعليل بأمرٍ عارض وهو كونه عيالاً للمولى ولازماً له قبيحاً مستهجناً ، فإنّه نظير تعليل الاجتناب عن الكلب بأنّه لاقاه البول ، فإنّه لا مجال للتعليل بالعرضي مع وجود الذاتي ، فإذا كانت العلّة هي العيلولة لا العبوديّة فلا جرم يختصّ المنع بما إذا كان الدافع للزكاة هو المالك فيتقيّد به إطلاق الصحيحة المزبورة ، فيبقى غيره مشمولاً لإطلاقات جواز دفع الزكاة لكلّ فقير ومنهم المملوك.
ومع الغضّ والتنازل فغايته المعارضة بين الإطلاق والتعليل ، فيرجع بعد التساقط إلى الإطلاقات المذكورة كقوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) إلخ ، الشاملة للعبد وغيره.
فتحصّل : أنّ الأظهر جواز إعطاء الزكاة للمملوك الذي لا يقوم مالكه بمئونته لعذرٍ أو لغيره إذا كان المعطي غير المالك حسبما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢٤٠ / أبواب المستحقين للزكاة ب ١٣ ح ١.