.................................................................................................
______________________________________________________
الطرفين كاختصاص الابن بأبيه ، فكما أنّه يلازمه ولا يفارقه فكذلك من همّه بطنه أو مراعاة الوقت الحاضر أو المنقطع في الطريق ، فإنّ هؤلاء أيضاً ملازمون لهذه الأُمور ولا ينفكّون عنها.
فابن السبيل إذن كناية عمّن يلازم الطريق ولا يفارق السفر ، لعجزه عن الوصول إلى الوطن بحيث أصبح السفر بمثابة الأب وهو بمنزلة الابن في عدم المفارقة عنه ، ومن الواضح اختصاص ذلك بالمسافر العاجز لا مطلق من لا مال له وإن كان قادراً على الذهاب إلى وطنه ولو بالاستدانة ونحوها.
ويؤيّده تفسير ابن السبيل بالمنقطع فيما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره «قال : وابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله فيقطع عليهم» إلخ (١).
ولكنّها لأجل إرسالها لا تصلح إلّا للتأييد.
ويعضده أنّ ابن السبيل الذي قورن مع إخوانه من الفقراء والمساكين ونحوهما في مواضع سبعة من الكتاب العزيز قد خصّ بالتعبير عنه بصيغة المفرد والباقي بصيغة الجمع ، ولعلّ النكتة فيه الإيعاز إلى قلّة أفراده في قبال غيره ، فلو كان المراد مطلق المسافر لكان الأولى الإتيان بصيغة الجمع أيضاً ، لكثرة أفراده ، وإنّما القليل خصوص المعوزين المحتاجين لنفاد نفقتهم أو راحلتهم ، لجريان العادة على أخذ المسافرين معهم ما يكفي مؤونتهم ، ومع نفادها يمكنهم التحصيل ولو بالاستدانة ، فالقليل هم العاجزون عن ذلك أيضاً ، فمن ثمّ عبّر عنه بصيغة الإفراد.
ثمّ لا يخفى أنّ المراد من السفر المأخوذ في مفهوم ابن السبيل هو السفر العرفي ، سواء أكان بالغاً حدّ المسافة الشرعيّة أم لا ، وسواء أقصّر أم أتمّ ، لكونه قاصداً للإقامة أو متجاوزاً للثلاثين متردّداً ، لوضوح عدم مدخليّة للتقصير في صدق
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢١١ / أبواب المستحقين للزكاة ب ١ ح ٧ ، تفسير القمي ١ : ٢٩٩.