أصحاب الدولة ـ أصبحت مدينتهم مجرد ولاية في الدولة الجديدة وان دخلهم من خراج الأرض التي فتحوها قد فقدوه ، ولم يعد أمامهم إلا أن يقنعوا بالفتات الذي يتساقط عليهم من موائد سادتهم الأمويين ، ولكنهم ـ مع الأسف ـ لم يشعروا بهذه المرارة إلا بعد فوات الأوان ، ومن هنا لم يكن من الغريب أن يروا في حكم أهل الشام نيرا ثقيلا على رقابهم يتربصون به الفرصة الملائمة ليتخلصوا منه ، ويلقوه بعيدا عنهم».
ومما زاد في نقمة الكوفيين على الأمويين أن معاوية ولى عليهم شذاذ الآفاق كالمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه فأشاعوا فيهم الظلم والجور ، واخرجوهم من الدعة والاستقرار ، وبالغوا في حرمانهم الاقتصادي ، واتبعوا فيهم سياسة التجويع والحرمان ... وظلت الكوفة مركزا للمؤامرات على حكم الأمويين ، ولم يثنهم عن ذلك ما عانوه من التعذيب والقتل والبطش على أيدي الولاة.
لقد كانت هجرة الامام إلى الكوفة واختيارها مقرا للثورة باعتبارها البلد الوحيد المعادي للأمويين ، وقد وصل الحماس فيها ضد الأمويين ذروته بعد هلاك معاوية.
رابعا ـ ان الامام الحسين انما اختار الهجرة للعراق للدعوات الملحة والاصرار البالغ من الأغلبية الساحقة من أهل الكوفة للقدوم حتى في زمن معاوية ، فقد توافدت عليه كتبهم ، وهي تحثه على المسير إليهم ، وتحمله المسئولية أمام اللّه والأمة إن تأخر عن اجابتهم لا سيما بعد أن كتب إليه سفيره مسلم بن عقيل يخبره باجتماع الناس على بيعته وتطلعهم إلى قدومه ويحثه على السفر إليهم فلم ير (ع) بدا من اجابتهم يقول الدكتور محمد حلمي : «انه لم يخرج الحسين من الحجاز في اتجاه الكوفة استجابة للدعوات التي وصلته من أهلها طالبة إليه القدوم عليهم ليتزعم ثورتهم على