والأعزّة والقرناء ، فهل دفعت الأقارب ، أو نفعت النّواحب (١) وقد غودر فى محلّة الأموات رهينا (٢) وفى ضيق المضجع وحيدا ، قد هتكت الهوامّ جلدته (٣) وأبلت النّواهك جدّته ، وعفت العواصف آثاره ، ومحا الحدثان معالمه (٤) وصارت الأجساد شحبة بعد بضّتها ، والعظام نخرة بعد قوّتها (٥) والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها (٦) موقنة بغيب أنبائها ، لا تستزاد من صالح عملها ، ولا تستعتب من سيّىء زللها (٧) أولستم أبناء القوم والآباء وإخوانهم
__________________
(١) الأزوف : الدنو والقرب ، والعلز : قلق وخفة وهلع يصيب المريض والمحتضر. والمضض : بلوغ الحزن من القلب ، والجرض : الريق ، والحفدة : البنات وأولاد الأولاد والأصهار
(٢) غودر : ترك ، وبقى ، ورهينا : حبيسا
(٣) هتكت : جذبت جلدته فقطعتها ، والهوام : الحيات وكل ذى سم يقتل
(٤) النواهك : من قولهم «نهكه السلطان» إذا بالغ فى عقوبته ، و «عفت» أى محت ، والعواصف : الرياح الشديدة ، والمعالم : جمع معلم ، وهو ما يستدل به
(٥) الشحبة ـ بفتح فكسر ـ ، أى : الهالكة ، تقول : شحب الرجل يشحب ـ مثل علم يعلم ـ إذا هلك ، وفيه لغة أخرى من باب نصر ، وتقول : شحبه اللّه يشحبه ، يتعدى ويلزم ، البضة هنا : الوحدة من البض ، وهو : مصدر بض الماء إذا ترشح قليلا قليلا ، أى : بعد امتلائها حتى كأن الماء يترشح منها ، ونخرة : بالية
(٦) الأعباء : الأثقال ، جمع عبء ، أى : حمل ، وموقنة بغيب أنبائها ، أى : منكشفا لها ما كان غائبا عنها من أخبارها ، وما أعد لها فى الآخرة
(٧) «لا تستزاد ـ الخ» أى : لا يطلب منها زيادة العمل ، فانه لا عمل بعد الموت ، «ولا تستعب» مبنى للمفعول ـ أى : لا يطلب منها تقديم العتبى ، أى : التوبة من العمل القبيح ، أو مبنى للفاعل ، أى : لا يمكنها أن تطلب الرضا والاقالة من خطئها السىء