بيت الله الحرام ليلتقي بعامة المسلمين ، ويعقد هناك مؤتمراً عامّاً يضع فيه الخطوط السليمة لنجاة اُمّته ، ووقايتها من الزيغ والانحراف.
وحجّ النبي (صلّى الله عليه وآله) حجّته الأخيرة الشهيرة بحجّة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة ، فأشاع فيها بين الوافدين لبيت الله الحرام أنّ التقاءه بهم في عامهم هذا هو آخر عهدهم به قائلاً : «إنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً». وجعل يطوف على الجماهير ، ويعرّفهم بما يضمن لهم نجاحهم وسعادتهم قائلاً : «يا أيها الناس ، إنّي تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (١).
إنّ الركيزة الاُولى لسلامة الاُمّة وصيانتها عن أيّ زيغ عقائدي هو تمسّكها بكتاب الله ، والتمسّك بالعترة الطاهرة ، فهما أساس سعادتها ونجاحها في الدنيا والآخرة.
ولمّا انتهى (صلّى الله عليه وآله) من مراسيم الحج ، وقف عند بئر (زمزم) وأمر ربيعة بن اُميّة بن خلف فوقف تحت صدر راحلته ، وكان صبيّاً ، فقال : «يا ربيعة ، قل : يا أيها الناس ، إنّ رسول الله يقول لكم : لعلّكم لا تلقونني على مثل حالي هذه وعليكم هذا ، هل تدرون أي بلد هذا؟ وهل تدرون أي شهر هذا؟ وهل تدرون أي يوم هذا؟»
فقال الناس : نعم ، هذا البلد الحرام ، والشهر الحرام ، واليوم الحرام ، وبعدما أقرّوا بذلك قال (صلّى الله عليه وآله) :
«إنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا ، وكحرمة
__________________
(١) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٨.