فلا تبتلني ، ونعمك فلا تسلبني ، وإلى غيرك فلا تكلّني (١). إلهي إلى مَن تكلّني؟ إلى قريب فيقطعني ، أم إلى بعيد فيتجهمني (٢) ، أم إلى المستضعفين لي وأنت ربّي ومليك أمري؟ أشكو إليك غربتي وبُعد داري ، وهواني على مَن ملكته أمري. إلهي فلا تحلل عليّ غضبك ؛ فإن لم تكن غضبت عليّ فلا اُبالي سواك. سبحانك! غير أنّ عافيتك أوسع لي ، فأسألك يا ربّ بنور وجهك الذي أشرقت له الأرض والسماوات ، وكشف به الظلمات ، وصلح به أمر الأوّلين والآخرين أن لا تميتني على غضبك ، ولا تنزل بي سخطك ، لك العتبى (٣) حتّى ترضى قبل ذلك ، لا إله إلاّ أنت ربّ البلد الحرام والمشعر الحرام ، والبيت العتيق الذي أحللته البركة وجعلته للناس أمناً.
يا مَن عفا عن عظيم الذنوب بحلمه ، يا مَن أسبغ النعماء بفضله (٤) ، يا مَن أعطى الجزيل بكرمه ، يا عدّتي في شدّتي (٥) ، يا صاحبي في وحدتي ، يا غياثي في كربتي ، يا وليي في نعمتي ، يا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، وربّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وربّ محمد خاتم النبيين وآله المنتجبين ، منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، ومنزل كهيعص وطه ويس القرآن الحكيم ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها (٦) وتضيق بي الأرض برحبها ، ولولا رحمتك لكنتُ من الهالكين ،
__________________
(١) من وكل يكل ، من باب ضرب : التفويض والتسليم إلى الغير.
(٢) تجهمه : استقبله بوجه كريه عبوس.
(٣) العتبى (بالضم) : الرضى.
(٤) أسبغ عليه النعم : وسع وأتمّ عليه جميع ما يحتاجه.
(٥) العدة (بالضم) : ما يستعد به الإنسان من مال أو سلاح.
(٦) الكهف (بالفتح) : الملجأ. والعي : العجز.