المقدّمة
ـ ١ ـ
الإمام الحسين (عليه السّلام) من أبرز مَن خلّدتهم الإنسانية في جميع مراحل تاريخها. ومن أروع مَن ظهر على صفحات التاريخ من العظماء والمصلحين الذين ساهموا في بناء الفكر الإنساني ، وتكوين الحضارة الاجتماعية ، وبلورة القضايا المصيرية لجميع شعوب الأرض.
إنّ الإمام أبا الأحرار من ألمع القادة المصلحين الذين حقّقوا المعجز على مسرح الحياة ، وقادوا المسيرة الإنسانية نحو أهدافها وآمالها ، ودفعوا بها إلى إيجاد مجتمع متوازن تتحقّق فيه الفرص المتكافئة التي ينعم فيها الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم.
لقد كان الإمام من أكثر المصلحين جهاداً وبذلاً وتضحية ، فقد انطلق إلى ساحات الجهاد مع كوكبة من أهل بيته وأصحابه مضحّياً بنفسه وبهم ؛ ليُقيم في ربوع هذا الشرق حُكم القرآن وعدالة السماء الهادفة إلى تقويض الظلم ، وتدمير الجور وإزالة الاستبداد ، وإقامة حُكم عادل يجِد فيه الإنسان أمنه وكرامته ورخاءه حسب ما تقتضيه عدالة الله في الأرض ؛ ومن ثمّ كانت حياة الإمام في جميع العصور والأجيال رمزاً للعدل ، ورمزاً لجميع القِيَم الإنسانية.
إنّ أغلب حياة المصلحين الذين وهبوا حياتهم لاُممهم وشعوبهم ، تبقى مشعّة تعطى ثمارها ونِتاجها للناس ، ولكن في فترة خاصّة ومحدودة من الزمن ، لم تلبث أن تتلاشى كما يتلاشى الضوء في الفضاء.