واجتزى بالفاتحة ، وخيّر بينها وبين الذكر في الأخيرتين ؛ لأنّ الأوّلتين كأصلين ، والأخيرتين كفرعين تابعين.
خامسها : الركوع
والسرّ فيه بحسب ذاته : أنّ هذا التقوّس المؤذن بكمال الذلّ والانخفاض إنّما يكون ممن كان في أدنى مرتبة لمن هو في غاية الرفعة والعظمة.
وفي تكبيره دليل على لزوم الركوع والخضوع ، وفي الاستقرار والذكر فيه ما يؤكّد التذلّل والخضوع. وخصّ التسبيح لما يتوهّم من عدم الفرق بين الكبير في ذاته ، والمتكبّر إذا لم تكن الكبرياء من صفاته.
ثمّ التسبيح إنّما يفيد ثبوت صفات الجلال ، فلزم التحميد ؛ ليفيد ثبوت صفات الكمال ؛ ولأنّ التسبيح قد يكون بصفات لا تليق ، فقيّده بالإضافة إلى صفات الحمد (١). وذِكر العظَمَة ؛ لاقتضاء الركوع ذلك.
وسوّى ظهره ؛ إشعاراً بتمام التذلّل.
ومدّ عنقه ؛ لإظهار التسليم ، وبيان أنّ الأمر إليه إن شاء قتله ، وإن شاء أمهله.
واطمأنّ وبلّغ الأصابع (بعد وضعها) (٢) مُنفرجات ؛ لأجل تمكين الخضوع والخشوع.
وأوتر في تسبيحه ؛ لأنّ الله تعالى وِتر يحب الوتر.
ثمّ خصّ التسميع بالتحميد ؛ لأنّه قولي ، والتسبيح اعتقاديّ على ما يظهر منهما. وتخصيص المأموم بالتحميد ؛ لأنّه مأمور بأمر الإمام ، وقد أمره به معنىً في تسميعه.
(سادسها : الرفع من الركوع ؛ لينظر العظمة ، ولزيادة الخضوع بالسقوط ، لوضع الجبهة عن قيام) (٣).
__________________
(١) في «ح» : الحدّ.
(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».
(٣) ما بين القوسين زيادة من «ح».