وحكى السيّد السعيد ، عن ابن شهرآشوب وغيره ، أنّ هاشماً وجد حنتمة مرميّة في الطريق ، فأخذها وربّاها ، ثمّ زوّجها الخطّاب (١).
وهو الأقرب ؛ فإنّ الخطّاب أقلُّ نفساً وبيتاً من أن يتزوّج بنت هاشم الصُّلبية (٢) ، ولا سيّما أنّ أُمّ الخطّاب ـ أو جدته لأبيه ـ «نفيل» ، أَمةٌ زنجيّة (٣) ؛ والعرب تأنف من الزنوج (٤) ، وإنّما نُسبت إلى هاشم بالتبنّي والتربية ، كما هو عادة العرب.
وأما ما زعمه من اختفاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت الأرقم ..
فكذب ظاهر ؛ لأنّ عمّه أبا طالب (عليه السلام) أقوى على حفظه ، ويواسيه بنفسه وأولاده ؛ ومن يقدر على قتله وعمه في الحياة؟!
روى الحاكم في «المستدرك» (٥) ، وصحّحه على شرط الشيخين ، عن عائشة ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : «ما زالت قريش كاعةً (٦) حتّى
__________________
(١) إحقاق الحقّ : ٥٢٠ الطبعة الحجرية ؛ وانظر : الصراط المستقيم ٣ / ٢٨ ، بحار الأنوار ٣١ / ٢٠٤.
(٢) كذا في الأصل ، نسبةً إلى الصلْب ؛ وهو من الظهر وكلّ شيء من الظهر فيه فقار ، وأراد بها النسبية ، ولم يَرِدْ بها الاستعمال ، والفصيح الوارد مجازاً أن يقال : صلِيبة ؛ أي خالصة النسب.
انظر : تاج العروس ٢ / ١٤٨ ـ ١٥٢ مادّة «صلب».
(٣) المنمّق ـ لابن حبيب ـ : ٤٠٠ ، المحبّر : ٣٠٦ ، مثالب العرب ـ للكلبي ـ : ١٠٣.
(٤) انظر مؤدّاه في : رسائل الجاحظ ١ / ١٣٩ و ١٥٣ ، الشعر والشعراء ١ / ٢٥٠ ، المستطرف ٢ / ٨٦ ـ ٨٧.
(٥) ص ٦٢٢ ج ٢ [٢ / ٦٧٩ ح ٤٢٤٣]. منه (قدس سره).
(٦) الكاعةُ : جمع الكاعِّ ، وهو الجبان الناكص على عقبيه ، والضعيف العاجز الذي لا يمضي في عزم ولا حزم ، وبه فُسّر لفظ الحديث في كتب اللغة ، والفعل فيه : كعَّ يَكعُّ ـ بكسر الثاني وضمّه ـ كعاً وكعُوعاً وكَعاعة وكيعُوعةً ، فهو كعٌّ