أصحابك أن يخرجوا الرؤوس من بين المحامل وينحّونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذا الحال ، فأمر في جواب سؤالها أن يجعلوا الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً ، وسلك بهم على تلك الحال بين النظّارة حتّى أتى بهم باب دمشق فاقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبى ، فروي أن بعض الفضلاء التابعين لمّا شهد رأس الحسين عليهالسلام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلمّا وجدوه بعد أن فقدوه سألوه عن سبب ذلك ، فقال : أمّا ترون ما نزل بنا؟ ثمّ أنشأ يقول :
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد |
|
مترمّلاً بدمائه ترميلا |
فكأنّما بك يا ابن بنت محمد |
|
قتلوا جهاراً عامدين رسولا |
قتلوك عطشاناً ولمّا يرقبوا |
|
في قتلك التأويل والتنزيلا |
ويكبّرون بأن قُتلتَ وإنّما |
|
قتلوا بك التكبير والتهليلا |
يا من إذا حسن العزاء عن امرىء |
|
كان البكاء حسناً عليه جميلا |
فبكتك أرواح السحائب غدوة |
|
وبكتك أرواح الرياح أصيلا (١) |
وروي أنّهم لما دخلوا دمشق واُقيموا على درج المسجد منتظرين الإذن من يزيد حيث يقام السبي أقبل شيخ من أهل الشام حتّى دنا منهم ، فقال : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلكم ، وأراح العباد من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم.
فقال له عليّ بن الحسين عليهالسلام : يا شيخ ، هل قرأت القرآن؟
____________
١ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ٢/١٢٥ ـ ١٢٦ ، الملهوف على قتلى الطفوف : ٢١٠ ، وفيهما الأبيات الأربعة الاُولى فقط.