فجعل يضاربهم بسيفه حتّى قتل منهم جماعة كثيرة ، وبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى محمد بن الأشعث يقول : بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به فثلم في أصحابك ثلمة عظيمة ، فكيف إذا أرسلناك إلى غيره؟
فأرسل [ إليه ] (١) ابن الأشعث : أيّها الأمير ، أتظنّ (٢) أنّك بعثتني إلى بقال من بقالي (٣) الكوفة ، أو جرمقاني من جرامقة الحيرة؟ أو لا تعلم أيّها الأمير أنّك بعثتني إلى أسد ضرغام ، وسيف حسام ، في كف بطل همام ، من آل خير الأنام؟
فأرسل إليه ابن زياد أن أعطه الأمان فإنّك لا تقدر عليه إلا به. (٤)
فجعل محمد بن الأشعث يناديه : ويحك يا مسلم لا تقتل نفسك لك الأمان ، ومسلم يقول : لا حاجة لي في أمان الغدرة الفجرة ، ثمّ جعل يقاتلهم وهو يقول :
أقسمت لا اُقتل إلّا حرّاً |
|
وإن رأيت الموت شيئاً نكرا |
أكره أن اُخدع أو اُغرّا |
|
أو يخلط البارد سخناً حرّا |
كلُّ امرىءٍ يوماً سيلقى شرّا |
|
أضربكم ولا أخاف ضراً (٥) |
__________________
١ ـ من المقتل.
٢ ـ كذا في المقتل ، وفي الأصل : انظر.
٣ ـ كذا في البحار ، وفي الأصل والمقتل : بقاقيل.
٤ ـ من قوله : « حتّى قتل منهم جماعة كثيرة » إلى هنا نقله المجلسي رحمهالله في البحار : ٤٤/٣٥٤ عن كتابنا هذا ، وكذا في عوالم العلوم : ١٧/٢٠٣.
٥ ـ رويت هذه الأرجاز في المقتل هكذا :
أقسمت لا أقتل إلا
حرّا |
|
وإن رأيت الموت
شيئاً مرّا |
كل امرىء يوماً
ملاق شرّا |
|
رُد شعاع الشمس
فاستقرّا |
أضربكم ولا أخاف
ضرّا |
|
ضرب همام يستهين
الدهرا |
ويُخلط البارد
سخنا مُرّا |
|
ولا اُقيم للأمان
قدرا |
أخاف أن اُخدع أو اُغرّا