وإذا قبّحنا باب تصويت اجتهاده وإنكار ما علم من الدين ضرورة بطلانه من استحلال حرب أمير المؤمنين ، وقتل ذرّيّته وشيعته ، فاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام أن يعتذروا ويحتجوا علينا باجتهاده ويقولوا : نحن ساقنا اجتهادنا إلى القول بصحة ما اعتقدناه من خلافكم ففعله عليه اللعنة والعذر له من أعظم حجّة لهم علينا فلا نمنع من سبّه ، ولا نقول بإيمانه إلا من حاله كحاله في الكفر والبغي ، وعداوة الحق وأهله.
وأقول : إنّ معاوية عليه اللعنة مع كفره ونفاقه كان يري أهل الشام والهمج الرعاع الصلاح واللين والتحلم والصفح عن المسيء منهم حتّى استمال قلوب الناس ، وصاروا يعدّونه من أكابر الصحابة ، ويسمونه « خال المؤمنين » ، و « كاتب الوحي » ، ويرون القتال معه جهاداً ، وكان الحسن والحسين صلوات الله عليهما إذا دخلا عليه أراهم من التعظيم والاجلال ما لا مزيد عليه مع كفره وبغضه لهما في الباطن.
وأمّا يزيد عليه اللعنة فإن حاله كانت في الظاهر بخلاف حاله ، لأنّه كان متهتكاً متظاهراً بالفجور وشرب الخمر والتماجن والتشبيب بالسناء واقتناء الكلاب والفهود وآلات اللهو ، وكان قد اتخذ قرداً وكلّف به وأخدمه رجالاً ، وسمّاه قيساً ، كان إذا ركب أركبه معه في موكبه والخدم مكتنفة به وعليه ثياب الديباج ، وكان إذا جلس للشرب أحضره معه في مجلسه ويسقي الحاضرين الخمر.
فمن كانت هذه حاله كيف يليق بأهل الصلاح والدين أن يقرّوا ببيعته ، أو يدخلوا تحت طاعة أولاد الأنبياء وشيعتهم؟ فلولا جهاد سيّدنا أبي عبد الله عليهالسلام ، وبذله نفسه وولده في إظهار كفره ، وعدم الرضا بفعله ، وأمره بالمعروف ،