مطلبان
لنا هنا مطلبان يتضحان بعد طرحنا هذين السؤالين :
الأوّل : هل أنّ الأذان عبارة عن الإعلام للصلاة فقط ، أم هو بيان لأصول العقيدة وأركان الإسلام؟
الثاني : هل أنّ أمر الأذان توقيفيّ؟ وإذا كان توقيفيّاً ، فهل هناك فرق بين توقيفية الواجبات وتوقيفية المستحبّات أم لا؟
وقبل الجواب عن السؤال الأوّل لابدّ من الإشارة إلى حقيقة هامّة في العبادات وغيرها ، وهي : أنَّ الأُمور العباديّة في الشرع لها ظاهر ومغزى ، فقد يمكن للإنسان أن يقف على ظاهر شيء ويؤدّيه دون أن يعرف كنهه ومغزاه والغاية القصوى منه ، فالمطالع مثلاً في ما جاء عن أهل بيت النبوة يقف على أسرار في الصلاة والصيام والزكاة والحجّ وغيرها ، ويتعرّف على أُمور كان لا يعرفها من ذي قبل ، ولم يتنبه لها في نظرته الأُولى ، من ذلك ما ذكره الصدوق في علل الشرائع ، حيث قال فيه :
إنّ نفراً من اليهود جاءوا إلى رسول الله فسألوه عن مسائل وكان فيما سألوه : أخبرنا يا محمّد لأيّ علَّة تُوَضَّأُ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد؟
فقال النبيُّ صلىاللهعليهوآله : «لمّا أن وسوس الشيطان إلى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ، ثمّ قام ومشى إليها وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة ، ثمّ تناول بيده منها ممّا عليها فأكل فطار الحلي والحلل عن جسده ، فوضع آدم يده على [أُمِّ] رأسه وبكى ، فلمّا تاب الله عليه فرض عليه وعلى ذرّيّته غسل هذه الجوارح الأربع ، وأمره بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول منها ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أُمِّ رأسه ، وأمره بمسح