يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه ، ويحتمل أن يكون المراد شغلها بالعبادة مثل الصّلاة والزكاة وتلاوة القرآن ، وتجنّبها من أعمال الدّنيا واللهو واللّعب وعمل الصنائع بل الحديث فإنّه روي : الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب ، قيل المراد اللهو من الحديث وأيضا قد ذكروا أنّ منع المساجد من العبادة فيها تخريب حتّى إطفاء السراج ، ويمكن أن يكون المراد كلاهما ولا بعد في ذلك لوجود الدليل عليهما ، كما عرفت ، مع إمكان الصدق عرفا وشرعا وإن يكن لغة وعرفا عاما والله يعلم بحقيقة الحال.
وهنا آيات أخر تتعلّق بالمساجد ذكرنا آية منها :
(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١).
أي توجّهوا إلى عبادة الله مستقيمين ، غير عادلين إلى غيرها ، وأقيموها نحو القلبة في كلّ وقت سجود أو في كلّ مكانه وهو الصّلاة ، أو في أيّ مسجد حضرت الصّلاة وأنتم فيه ، لا تؤخّروها حتّى تعودوا إلى مساجدكم ، فيحتمل استخراج صلاة التحيّة على ما قيل فتأمّل ثمّ أمرهم بالدّعاء عند كلّ مسجد مخلصين له ذلك وفيه دلالة على الحثّ على الدّعاء في المساجد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢) يعني الّذين يتّخذون دينكم لهوا ولعبا وهزؤا ، ويتمسخرون بدينكم من أهل الكتاب والمشركين ، لا يصحّ ولا يجوز لكم أيّها المؤمنون أن تحبّوهم وتولّوهم ويكون بينكم وبينهم مودّة ووداد ، وأن تكونوا أولياء لهم ، وتجعلونهم أولياء لكم ، بل بينكم وبينهم البغضاء والقتال ، فإنّ محبّة الله لا يجتمع مع محبّة عدوّه ، واتّقوا الله في موالاتكم أعداء الله إن كنتم مؤمنين حقّا وأنّ الايمان يعاند موالاة أعداء
__________________
(١) الأعراف : ٢٨.
(٢) المائدة : ٦٣ ، وذكرها كالمقدمة للاية التاسعة الاتية.