ما لم ينته تركه إلى فعل محرّم أو ترك واجب غير ظاهر فيمكن حمل الآيات والأخبار على الرجحان المطلق فتأمّل.
قال في مجمع البيان : قد تضمّنت هذه الآية التنبيه على أنّ كلّ من دهمه أمر فينبغي أن يفزع إلى هذه الكلمة (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١) وقد صحّت الرواية عن الصادق عليهالسلام أنّه قال عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله سبحانه (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فانّي سمعت الله سبحانه يقول بعقبها (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) الآية وروي عن ابن عبّاس أنّه قال كان آخر كلام إبراهيم عليهالسلام حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل ، وقال نبيّكم مثلها وتلا هذه (٢) يريد بالآية قوله تعالى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) (٣) الآية.
والتنبيه غير بعيد ، حيث رتّب الانقلاب بنعمة وفضل ، وعدم المسّ بقول حسبنا الله ، والرواية صريحة في بيانه فعلم عدم اختصاصه بالجماعة السابقة ، وعدم مدخليّة الزيادة ، والرواية موجودة في الأصول (٤) ولكن ما عرفت صحّتها وهو أعرف ، ولا دلالة في نحو قوله سبحانه (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٥) على عدم الخوف عن غير الله والخوف عنه فقط مطلقا لأنّ المراد على ما في التفاسير عدم الخوف في الجهاد من الكفّار بعد وعد الله بالنصر والغلبة عليهم ، والخوف من الله بترك الجهاد وغيره ، فتأمّل.
ومنها (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) (٦) أي القرآن (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها) أي ينكرونها (وَيُسْتَهْزَأُ بِها) إن هي المخفّفة ، وإذا للشرط ، ويكفر ويستهزئ حالان عن المفعول والجملة شرطيّة وقوله (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) جزاؤها ، و «غيره» صفة حديث ، وليس بمعرفة لتوغّله في الإبهام
__________________
(١) آل عمران : ١٧٣.
(٢) آل عمران : ١٧٣.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٥٤١.
(٤) الفقيه باب النوادر والحديث صحيح.
(٥) آل عمران : ١٧٥.
(٦) النساء : ١٤٠.