بل اختلاف كلّ واحد منها : تارة بارد ، وتارة حارّ وتارة قصير وتارة طويل لدلالات وأدلّة على وجود الله وتوحيده ، وصفات الله العليا من الوجوديّة والسلبيّة لذوي البصائر والعقول ، واللّب هو الخالص وسمّي العقل به ، لأنّه أشرف وأخصّ ما في الإنسان فدلّت على الترغيب بعلم الكلام بل الهيئة أيضا (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) في محلّ الجرّ بأنّه صفة أو عطف بيان أو تأكيد لاولي ، ويحتمل أن يكون مرفوعا أو منصوبا على المدح ، وهو إشارة إلى أنّ ذوي العقول ، هم الّذين يذكرون الله دائما وعلى كلّ حال ، ولهذا ورد التحريص والترغيب بذكر الله كثيرا مثل ما روي عنه صلىاللهعليهوآله من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة فليكثر من ذكر الله ، يا موسى ذكري حسن على كلّ حال (١) فدلّت على الترغيب بذكر الله دائما وعلى كلّ حال ، صحيحا أو مريضا قائما أو قاعدا أو مضطجعا ، وعلى أيّ حال كان من غير مانع بوجه من الوجوه عن ذلك ، ويحتمل أن يكون معناه يصلّون على هذه الهيئة على حسب طاقتهم كما روي عن الخاصّة والعامّة روي عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال لعمران بن الحصين صلّ قائما فان لم تستطع فقاعدا فان لم تستطع فعلى جنب تومئ إيماء ، وهذه حجّة الشافعيّ على أنّ المريض يصلّي مضطجعا مستقبلا بمقاديم بدنه ، وعلى بطلان مذهب أبي حنيفة أنّه يستلقي ومذهب الشافعيّ موافق لمذهب أصحابنا ، ولكن في بعض الروايات الترتيب بين الجنبين اليمين ثمّ اليسار فيكون المراد حينئذ بالذكر الصلاة قاله البيضاويّ (٢) ورواه علىّ بن إبراهيم في تفسيره ولا تنافي بين التفسيرين فإنّه غير ممتنع وصفهم بالذكر في هذه الأحوال ، وهم في الصلاة ، وهي تدلّ على هيئة لصلاة في المرض كما ذكره أصحابنا ودلّت عليه الروايات.
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عطف على (يَذْكُرُونَ) فتدلّ على أنّ من كمال العقل والبصيرة التفكّر في خلقهما للاستدلال به ، من جهة
__________________
(١) الوسائل أبواب الذكر.
(٢) أنوار التنزيل : ٨٨.