وفي السورة تعليم
وتربية للإنسان أنّه إنّما يعبد اللّه وحده ويستعين به لا بغيره (إيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِين)
، فقلب المؤمن يكون حرم اللّه وعرشه ، فيدعو اللّه أن يهديه الطريق القويم والصراط
المستقيم ، وذلك صراط الذين أنعم اللّه عليهم من أنبيائه وأوليائه ، كما يدعو أن
يقيه عن الضلال وطريق المغضوب عليهم ، فلكلّ واحد في الحياة طريقان : طريق الهداية
وطريق الضلال ، سبيل الحقّ وسبيل الباطل ، طريق النور والجنّة ، وطريق الظلمة والنار.
روى الشيخ الصدوق في (عيون الأخبار) و (علل
الشرائع) بإسناده ، عن الفضل بن شاذان ، عن الإمام الرضا عليهالسلام ، أنّه قال : فلِمَ
اُمروا بالقراءة في الصلاة؟ لئلاّ يكون القرآن مهجوراً مضيّعاً ، وليكون محفوظاً
مدروساً ، فلا يضمحلّ ولا يجهل. فإن قال : فلِمَ بدىء بالحمد في كلّ قراءة دون
سائر السور؟ قيل : لأنّه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير
والحكمة ما جمع في سورة الحمد.
وذلك أنّ قوله : (الحَمْدُ
لِلّهِ)
إنّما هو أداء لما أوجب اللّه تعالى على خلقه من الشكر ، وشكر لما وفّق عبده
للخير.
(رَبِّ العالَمِين) ; تمجيد له وتحميد وإقرار بأنّه هو
الخالق المالك لا غيره.
(الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ)
; استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه.
(مالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ)
; إقرار بالبعث والحساب والمجازاة وإيجاب له ملك الآخرة كما أوجب له ملك الدنيا.
(إيَّاكَ نَعْبُدُ) ; رغبة وتقرّب إلى اللّه عزّ وجلّ
وإخلاص بالعمل له دون غيره.
(وَإيَّاكَ
نَسْتَعِينُ)
; استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم عليه