يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) لم يقنطهم الله من رحمته مع ما شدّد عليهم من النكير وأوعدهم بالسعير ، فإنّ بابه مفتوح لكلّ من أتاه ، وفضله متاح لكلّ عبد وإن عصاه ، كيف وقد قال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ) (١) فالتوبة هو باب الأبواب.
وقال : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) (٢) بل وعدهم الأجر الحسن لو رجعوا إلى الطاعة ، فإنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له (٣).
وفيه أيضا إخبار عن الغيب ، فإنّ جماعة منهم اتّبعوا المؤمنين في قتال هوازن وغيرهم من القبائل ، ولا ينافي ذلك قوله فيما تقدّم : (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) الدالّ على نفي الأبد ، فإنّ المراد به المتابعة في غزوة خيبر خاصّة ؛ كما عرفته.
و (سَتُدْعَوْنَ) ؛ أي : يدعوكم النّبيّ إلى قتال.
و «البأس» : الشدّة في الحرب.
ويطلق على العذاب أيضا ؛ كما قال : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (٤) أي عذابنا.
(تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) ؛ أي يقع أحد الأمرين : إمّا المقاتلة ، وإمّا الإسلام.
والمراد به إمّا الإقرار بالشهادتين ، أو الانقياد للأمر والصلح ولو بإعطاء الجزية.
__________________
(١) طه : ٨٢.
(٢) الزمر : ٥٣.
(٣) انظر : الكافي ٢ : ٤٣٥.
(٤) غافر : ٨٤.