وكان الجمع الكبير والجمّ الغفير في
الغدير حين أخذ البشير النذير بيد صنوه نور الله المبين ، وسببه المتين ، وإمام
المتّقين ، وأمير المؤمنين ، أكثرهم ممّن الإلحاد دينه ، والنفاق قرينه ، قد
استحوذ الشيطان على قلبه ، واستولى على لبّه ، فأعطى بلسانه ما ليس في فؤاده ،
وظهر على صفحات وجهه ما أضمر من إلحاده ، وأسرّ غدراً ، وأخفى مكراً ، ونصب لنبيّه
الغوائل ، وجادل في أمر الغدير بالباطل ، وأرصد بابه لتنفر ناقته ، وعاقد على
إنزال المنون بساحته ، واستئصال شأفته.
وأطلع الله نبيّه على ما دبّروا ، ووقاه
سيّئات ما مكروا ، ولمّا أشرقت دار الهجرة بنور مقدمه ، وشرفت أرجاؤها بموطئ قدمه
، وقد أكمل صلىاللهعليهوآله الدين بنصب
وصيّه علماً لاُمّته ، وعمّم النعمة بجعله حافظاً لشريعته ، ونشر أعلام الإيمان
بنشر مناقبه ، وأعلى كلمة الاسلام بإعلاء مراتبه ، وجلا أحكام الشريعة النبويّة في
مدامس الاشتهار ، وحلّى جيد الملّة الحنيفيّة بنفائس الافتخار ، ودارت رحى العدل على قطبها ، وأشرقت
الأرض بنور بّها ، دعاه
__________________