استعلام الكائنات ، وما يقع في الوجود من حوادث وملاحم. فيقول الحديث الصحيح : «اذا ولد المولود منّا ، رُفع له عمود نور يرى به أعمال العباد ، وما يحدث في البلدان» (١).
والتعبير بذلك ، إشارة إلى القوة القدسية المفاضة من ساحة (الحقِّ) سبحانه ؛ ليكتشف بها جميع الحقائق على ما هي عليه ؛ من قول او عمل او غيرهما من اجزاء الكيان الملكي والملكوتي. وبتلك القوة القدسية يرتفع سدول الجهل واستتار الغفلة ، فلا تدع لهم شيئاً إلا وهو حاضر بذاته عند ذواتهم القدسية ، كما أن النور يجلو ما اسدلته غياهب الظلمة ، فيجد المبصر ما حجبه الحلك الدامس نصب عينيه ، وقد انبأ أبو عبد الله الصادق (عليه السّلام) عمّا حباهم به المولى جلَّ شأنه من الوقوف على أمر الاولين والآخرين ، وما في السماوات والارضين ، وما كان ويكون حتّى كأن الأشياء كلَّها حاضرة لديهم (٢).
ثم يسجل التدليل عليه بقوله : «كلمّا كان لرسول الله (ص) فلنا مثله ، إلا النبوّة والأزواج» (٣).
ولا غلوّ في ذلك بعد قابلية تلك الذوات المطهرة بنصّ الذكر الحميد : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (٤) ، لتحمل الفيض الأقدس وعدم الشحِّ في (المبدأ الأعلى) تعالت آلاؤه. والمغالاة في شخص عبارة عن إثبات صفة له ، إمّا أن يحملها العقل ، أو لعدم القابلية لها ، والعقل لا يمنع الكرم الالهي. كيف والجليل عزَّ لطفه يدرُّ النعم على المتمادين في الطغيان ، المتمردين على قدس جلاله حتّى كأن المنّة لهم عليه! فلم يمنعه ذلك من الرحمة بهم والإحسان إليهم والتفضل عليهم ، لا تنفذ خزائنه ولا يفوته من طلبه ، وهذا من القضايا التي قياساتها معها. وإذا كان حال المهيمن سبحانه كما وصفناه مع اولئك
__________________
(١) بصائر الدرجات للصفار ٩ ص ١٢٨ ، ملحق بنفس الرحمن للنوري (قدس سره).
(٢) مختصر البصائر ص ١٠١.
(٣) المصدر نفسه ص ٢٠.
(٤) سورة الأحزاب : آية ٣٣.
(٥) من الغلو ما قاله أحمد بن يحيى البلاذري في المستعين :
ولو أن برد المصطفى إذ لبسته |
|
يظن لظن البرد أنك صاحبه |
وقال وقد اعطيته ولبسته |
|
نعم هذه اعطافه ومناكبه |
الآثار النبوية لاحمد تيمور باشا / ١٣.