زرود
ولمّا نزل الحسين في زرود (١) نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي (٢) ، وكان غير مشايع له ، ويكره النّزول معه ، لكنّ الماء جمعهم في المكان. وبينا زهير وجماعة على طعام صنع لهم إذ أقبل رسول الحسين يدعو زهيراً إلى سيّده أبي عبد الله (ع) ، فتوقّف زهير عن الإجابة غير أنّ امرأته دلهم بنت عمرو حثّته على المسير إليه وسماع كلامه (٣).
فمشى زهير إلى الحسين (ع) ، وما أسرع أن عاد إلى أصحابه فرحاً قد أسفر وجهه وأمر بفسطاطه وثقله فحوِّل إلى جهة سيّد شباب أهل الجنّة ، وقال لامرأته : الحقي بأهلك ، فإنّي لا اُحبّ أنْ يصيبك بسببي إلاّ خير. ثمّ قال لمَن معه : مَن أحبّ منكم نصرة ابن الرسول (ص) وإلاّ فهو آخر العهد.
ثمّ حدّثهم بما أوعز به سلمان الفارسي من هذه الواقعة فقال : غزونا بَلَنجَر (٤) ففتحنا وأصبنا الغنائم ، وفرحنا بذلك ، ولمّا رأى سلمان الفارسي (٥) ما نحن فيه من السرور قال : إذا أدركتم سيّد شباب آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) فكونوا
__________________
(١) في المعجم ممّا استعجم ٢ ص ٦٩٦ : (بفتح أوله وبالدال المهملة في آخره) وفي معجم البلدان ٤ ص ٣٢٧ : إنها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة ، وهي دون الخزيمية بميل وفيها بركة وحوض ، وفيها وقعة يقال لها يوم زرود.
(٢) وفي جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٣٦٥ ، عند ذكر قبائل بجيلة قال : زهير بن القين بن الحارث بن عامر بن سعد بن مالك بن زهير بن عمرو بن يشكر بن علي بن مالك بن سعد بن تُزَين بن قسر بن عبقر بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. وفي صفحة ٣١٠ قال : سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
(٣) اللهوف ص ٤٠.
(٤) في معجم البلدان والمعجم ممّا استعجم : (بالباء واللام المفتوحتين والنون الساكنة والجيم المفتوحة والراء المهملة) مدينة الخزر عند باب الأبواب فتحت سنة ٣٣ على يد سلمان بن ربيعة الباهلي ، ولم أجد فيهما ولا في غيرهما مدينة اُخرى تسمّى بلنجر إلاّ أنّ ابن حجر في الاصابة ٣ ص ٢٧٤ ، القسم الثالث ، ترجمة قيس بن فروة بن زرارة بن الأرقم قال : شهد فتوح العراق واستشهد في بلنجر من أرض العراق ـ ثمّ ذكر ضبطها كما تقدّم ـ قال : وكان أمير الوقعة سلمان بن ربيعة.
(٥) نصّ عليه الشيخ المفيد في الارشاد ، والفتال في روضة الواعظين ص ١٥٣ ، وابن نما في مثير الأحزان ص ٢٣ ، والخوارزمي في المقتل ١ ص ٢٢٥ الفصل الحادي عشر ، وابن الأثير في الكامل ٤ ص ١٧ ، والبكري في المعجم ممّا استعجم ١ ص ٣٧٦ ، ويؤيّده ما في تاريخ الطبري ٥ ص ٧٧ ، وابن الأثير في الكامل ٣ ص ٥٠ من وجود سلمان الفارسي في هذه الغزوة.