الغرض ، لأنّ أفعال الله تعالى معللّة بالأغراض على المذهب الصحيح ، وليس الغرض علّة لفاعليّة الفاعل ، فإنّه عبارة عن الحكم والمصالح الّتي تشتمل عليها الأفعال ممّا يجده العقل ، ويصير به الفعل حسنا أو قبيحا.
ويمكن استفادة الغرض من قوله : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) حيث فسّرنا «السميع» و «البصير» بما يستلزم المعرفة الحقّانيّة. وفي «الفاء» المفيدة للتعقيب إشعار بذلك ؛ ضرورة أنّ الغاية للفعل لا تتحقّق إلّا بعد ذلك الفعل. وهذا هو الوجه في تسميتها غاية ، لأنّ الغاية هي النهاية ؛ كما لا يخفى.
البارقة العاشرة : لا بأس بالإشارة إلى معنى الحديث المشهور من : أنّ الله تعالى خلق آدم على صورته (١).
فنقول : المحتمل فيه وجوه ؛ منها :
أنّ الكناية راجعة إلى الجلالة ، والإضافة للتشريف ؛ كما في قولهم «بيت الله» أي لا ينبغي أن يقبّح على صورة أبدعها واختارها لآدم ؛ إذ لا يفعل الله فعلا ، ولا يبدع صنعا إلّا وهو حسن ، فكيف يقبّح على فعله؟
ويدلّ على ذلك صدر الحديث ، ومنه يظهر أنّ المراد بـ «آدم» الجنس لا «آدم» الصفيّ عليه السلام.
والمناقشة بأنّ جميع الصور من فعل الله فلا فائدة في التخصيص ، يدفعها ما مرّ من أنّ الإضافة تدلّ على التشريف ، ولا ريب في شرافة نوع البشر على غيره ، وأنّ ذلك لقضيّة المقام ؛ كما يعرف من صدر الخبر.
ومنها : أنّ المراد بـ «الصورة» الصفة ، وب «آدم» الجنس ، ليكون فيه
__________________
(١) الكافي ١ : ١٣٤.