لفاقة الخلق إليها ، وحجب الاسم الأعظم المكنون المخزون ، وجعل لكلّ اسم من الأسماء الظاهرة أربعة أركان ، ولكلّ ركن ثلاثين اسما ، فالأركان اثنا عشر ، والأسماء ثلاثمائة وستّون ... (١) إلى آخره.
وذلك القول هو مختار الغزاليّ رحمه الله ، حيث قال في كتابه المسمّى بـ «كشف الوجوه الغرّ» ما حاصله هذا : الحقّ تغاير الاسم والمسمّى والتسمية ، وإنّ هذه ثلاثة أسماء متباينة غير مترادفة ، ولا سبيل إلى كشف الحقّ إلّا ببيان معنى كلّ واحد من هذه الألفاظ الثلاثة منفردا.
ثمّ بيان معنى قولنا «هو هو» ومعنى قولنا «هو» غيره ، فهذا منهاج الكشف للحقائق ، ومن عدل عن هذا لم ينجح أصلا ، فإنّ كلّ علم تصديقيّ فإنّه لا محالة قضيّة تشتمل على موصوف وصفة ، ونسبة تلك الصفة إلى الموصوف ، فلا بدّ أن يتقدّم عليه المعرفة بالموصوف وحده على سبيل التصوّر لحقيقته ، ثمّ المعرفة بالصفة وحدها ، ثمّ النظر في نسبة الصفة إلى الموصوف أنّها موجودة له أو منتفية عنه ، ويسمّى بالنسبة الحكميّة ، فنقول في بيان حدّ الاسم :
إنّ للأشياء وجودا في الأعيان ، ووجودا في الأذهان ، ووجودا في اللسان :
أمّا الوجود في الأعيان ، فهو الوجود الأصليّ الحقيقيّ لتشخّصه في الخارج بالوجود الخارجيّ.
والوجود في الأذهان ، هو الوجود العلميّ التصوّريّ.
__________________
(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٢.