القوارير من الرمل دونها. وقد يجاب أيضا بأنّ المضاف محذوف أي من صفاء
الفضّة ، قال الصادق عليه السلام : ينفذ البصر في فضّة الجنّة كما ينفذ في الزجاج .
أقول : وفي
الآية إشعار بكمال لطافة ما يحصل لهم من المقامات والمعارج بحيث لا يلتذّ بها
سواهم ، فإنّه لا مناسبة بين غير هؤلاء من المشتغلين بالشؤون الغيريّة وبين تلك
المدركات العقليّة حتّى يدركوها ؛ إذ الالتذاذ من الشيء وإدراكه فرع المناسبة
والرابطة ولو في الجملة.
قال بعض
العارفين : المراد أنّ الفضّة لمّا كانت من الجواهر العزيزة بما يتّخذ منه الملوك
الأواني من آلات الشرب وغيرها وكان مع ذلك لها البياض الّذي هو أشرف الألوان
المشرقة عبّر بها عمّا ناسبها من الجواهر المعقولة.
واعلم أنّه
عبّر بالطواف عمّا يحصل للنفوس الكاملة من تلك المشاهدة والمقابلة الّتي تجري مجرى
مقابلة المرايا العالية للمرايا السافلة ، وعبّر بالآنية والأكواب عن المبادي
العالية الّتي هي مقرّ العلوم والمعارف تنبيها على ذلك. انتهى.
وقال : نبّه
بقوله قوارير على وصفين :
أحدهما : أنّ
تلك الجواهر العقليّة وإن كان لها لون الفضّة فإنّها مع ذلك في صفاء القوارير
وشفّافها ، وهو إشارة إلى براءتها عن كدورات العلائق الجسمانيّة.
__________________