مادة قابلة معلولة
لها على ما تقدم.
وقد حصر قوم من الطبيعيين العلة في
المادة ، والأصول المتقدمة ترده ، فإن المادة سواء كانت الأولى أو الثانية ، حيثيتها
القوة ولازمها الفقدان ، ومن الضروري أنه لا يكفي ، لإعطاء فعلية النوع وإيجادها ،
فلا يبقى للفعلية إلا أن توجد من غير علة وهو محال.
وأيضا قد تقدم أن الشيء ما لم يجب لم
يوجد ، والوجوب الذي هو الضرورة واللزوم ، لا مجال لاستناده إلى المادة ، التي
حيثيتها القبول والإمكان ، فوراء المادة أمر يوجب الشيء ويوجده ، ولو انتفت رابطة
التلازم ، التي إنما تتحقق بين العلة والمعلول ، أو بين معلولي علة ثالثة وارتفعت
من بين الأشياء ، بطل الحكم باستتباع أي شيء لأي شيء ، ولم يجز الاستناد إلى حكم
ثابت ، وهو خلاف الضرورة العقلية ، وللمادة معان أخر غير ما تقدم خارجة من غرضنا.
الفصل الحادي
عشر
في العلة
الجسمانية
العلل الجسمانية متناهية أثرا ، من حيث
العدة والمدة والشدة ، قالوا لأن الأنواع الجسمانية ، متحركة بالحركة الجوهرية ، فالطبائع
والقوى التي لها ، منحلة منقسمة إلى حدود وأبعاض ، كل منها محفوف بالعدمين محدود
ذاتا وأثرا.
وأيضا العلل الجسمانية لا تفعل ، إلا مع
وضع خاص بينها وبين المادة ، قالوا لأنها لما احتاجت في وجودها إلى المادة ، احتاجت
في إيجادها إليها ، والحاجة إليها في الإيجاد هي ، بأن يحصل لها بسببها وضع خاص مع
المعلول ، ولذلك كان للقرب والبعد والأوضاع الخاصة ، دخل في تأثير العلل الجسمانية.