فصل
مع أن الله تعالى قد أخبر في ذلك بأنه المتولي عناء نبيه صلىاللهعليهوآله عن سائر الناس ، ورفع الحاجة عنه في الدين والدنيا إلى أحد من العباد ، فقال تعالى (ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى) (١).
فلو جاز أن يحتاج مع ذلك إلى نوال أحد من الناس لجاز أن يحتاج في هداه إلى غير الله تعالى ، ولما ثبت أنه غني في الهدى بالله وحده ، ثبت أنه غني في الدنيا بالله تعالى دون الخلق كما بيناه.
فصل
على أنه لو كان فيما عدده الله تعالى من أشياء يتعدى الفضل إلى أحد من الناس ، فالواجب أن تكون مختصة بآبائه عليهمالسلام ، وبعمه أبي طالب رحمة الله ، وولده عليهالسلام ، وبزوجته خديجة بنت خويلد رضياللهعنها ، ولم يكن لأبي بكر في ذلك حظ ولا نصيب على كل حال.
وذلك أن الله تعالى آوى يتمه بجده عبد المطلب ، ثم بأبي طالب من بعه ، فرباه وكفله صغيرا ، ونصره وواساه ووقاه من أعدائه بنفسه وولده كبيرا ، وأغناه بما رزقه الله من أموال آبائه رحمهم الله تعالى وتركاتهم وهم ملوك العرب ، وأهل الثروة منهم واليسار بلا اختلاف ، ثم ما أفاده من
__________________
(١) سورة الضحى ٩٣ : ٦ ـ ٨.