فضح بني أُميَّة ومَن كان على شاكلتهم مِن يومه إلى يوم القيامة ، بأنَّهم ليسوا فقط ظالمين لأنفسهم بينهم وبين الله سبحانه ، بلْ ولا ظالمين للناس في حُكمهم غير العادل فحسب ، وإنَّما الأمر أكثر مِن ذلك ، فإنَّهم على استعداد أنْ يقتلوا الرجال والأطفال وأنْ يسبوا النساء وأنْ يقتلوا خير الخلق الموجودين على وجه الأرض ؛ مِن أجل التمسُّك بالحُكم أو الكرسي ، وهذا معناه أنَّهم مُستعدُّون أنْ يقتلوا أيَّ إنسان أو أيَّ عدد مِن الناس ـ مهما كثر عدده أو كثرت أهميَّته في سبيل ، ذلك كما أنَّ معناه عدم وجود عاطفة الإنسانيَّة في قلوبهم على الإطلاق ، كما أنَّ معناه أنَّهم على استعداد أنْ يفعلوا أيَّ مُنكر آخر مِمَّا يرتبط بالمُلك أو لا يرتبط ، بعد أنْ انسلخوا تماماً عن الإنسانيَّة وعن الورع وعن المحارم.
وهذا الهدف صحيح وواقعي ، وقد حصل فعلاً على إثْرِ واقعة كربلاء مُباشرة ، ولا زال ساري المفعول وسيبقى إلى يوم القيامة ضِدَّ بني أُميَّة الحُكَّام السابقين ، وضِدَّ أضرابهم مِن الظالمين مِن البشر إلى قيام يوم الدين.
ومِن هنا ؛ فإنِّي أعتقد أنَّ هذا الحاكم الأُموي قد أخطأ خطأً كبيراً ، حين سوَّد صحيفة أعماله بأُمور كثيرة ومُنكرات فضيعة جِدَّاً ، وأوجب سوء ظنِّ الناس والتاريخ به وبعشيرته وأمثاله باستمرار ، مُضافاً إلى غضب الله سبحانه ؛ وذلك أنَّه فعل ثلاثة أُمور مُهمَّة مُضافاً إلى مُنكراته الشخصيَّة ، أهمُّها قتل الحسين عليهالسلام وجيشه في كربلاء والتنكيل تنكيلاً فضيعاً (١) ، مُضافاً إلى رمي الكعبة بالمجانيق ، وكان بمنزلة القصف المدفعي في زماننا ؛ إذ يُشعلون النار في بعض المواد ويقذفونها بعيداً على العدوِّ بواسطة الآلة القاذفة ، التي تُسمَّى بالمِنجنيق ، وقد بقيت الكعبة المُشرفَّة تحت هذا القصف المركز أيَّاماً بلياليها (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ٢ ص ٥.
(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ١٠.