على قدر عقولهم» ، والحسين عليهالسلام لا شكَّ أنَّ
المُجتمع في ذلك الحين لم يكن يُطيق فهم واستيعاب أهدافه الحقيقيَّة مِن حركته ؛
لأنَّه كان حديث عهد بالدين وبشريعة سيِّد المُرسلين ، ولم يكن المُجتمع يومئذ
تربَّى بالمقدار المطلوب ، وإنَّما كان فهمه للدين بسيطاً وتطبيقه للتعاليم قليلاً
، ما عدا نفر يسير مِن الناس ؛ وبالتالي لم تكن هذه الألف وحوالي النصف مِن السنين
، قد مرَّت وأثَّرت في تربية المُجتمع وتكامل فهمه العقلي والنفسي تكاملاً مُعتدَّاً
به ، وكلَّما مرَّت السنين أكثر كان هذا التكامل أكثر لا محالة.
فإذا لم يكن بيان أهدافه مُمكناً عندئذ
، فخير له أنْ يطويها في نفسه وأنْ يكتمها عن غيره ، وإنَّما يقول للآخرين بمُقدار
ما هو مُمكن فقط ، مِمَّا لا يكون هو الهدف الحقيقي لحركته عليهالسلام ، ولا أقلَّ مِن
احتمال ذلك ، الأمر الذي يسقط به هذا الشرط الرابع.
الجواب الثالث على هذا الشرط : إنَّ
هناك بعض الأعمال يُعتبر التصريح بأهدافها إفساداً لها ، وتكون عندئذ عقيمة وغير
مُنتجة ، وهذا أحد التأويلات المُهمَّة لما ورد «استعينوا على أُموركم بالكِتمان» . وما ورد مِن أنَّ التصريح بالشيء قبل
إنجازه موجب لإفساده .
وهذا المعنى ظاهر للعيان بالتجربة ، في
كثير مِن الأُمور الشخصيَّة والعامَّة ؛ إذاً فمِن المُحتمل أنْ يكون تصريح الحسين
عليهالسلام
بأهدافه قبل حركته ، مُفسد لها مُخرِّب لنتائجها ؛ ومِن هنا سيكون المُتعيِّن عليه
كِتمان ما يُريده والصمت عمَّا
__________________