من دون عمل يقوم به. و الدليل على ذلك الروايات الكثيرة ( وقد تقدم بعضها ) ، ومنها صحيحة محمد بن مسلم ، أنه سأل الامام الصادق عليهالسلام « عن الرجل يتقبّل بالعمل فلا يعمل فيه ، ويدفعه الى آخر فيربح فيه ؟ قال : لا ، الاّ أن يكون قد عمل شيئاً » (١) و مثلها روايات كثيرة.
إذن ، من كل هذه المقدمة نستفيد فقهياً واقتصادياً أن الكسب من دون تقديم عمل لا يجوز ، وبما أن المرابي هو كذلك ، فانه يكتسب من دون تقديم عمل ( مباشر أو مختزن ) فهو لا يجوز.
وقد يقال ان المال النقدي الذي يقدمه المرابي هو عبارة عن عمل مختزن فيجوز أن يؤجره فيكون كسبه في مقابل العمل المختزن.
فاننا نقول : قد تقدم منّا أن العمل المختزن إنما يجوز إيجاره للغير وأخذ الكسب عليه ( كالبيت والدكان والآلة ) لأنه يُستهلك بعضه بالاستعمال ، أما هنا في النقد المالي فإنه يرجع بنفسه من دون ذرة استهلاك ، ولهذا يكون كسباً من دون عمل ، وهذا يتعارض مع تصورات الاسلام عن العدالة.
نعم ، إذا كانت الفائدة هي : تعبير عن حق الرأسمالي في شيء من الأرباح التي جناها المقترض عن طريق ما قدم إليه من مال ، فان هذا الحق بالاضافة إلى أنه في صورة استثمار المال وحصول الربح فقط والاسلام أقرّ هذا الحق في صورة ما إذا كان اشتراك بين صاحب المال والعامل وربط الرأسمالي بنتائج العملية ، وهذا هو معنى المضاربة التي جوّزها الاسلام ، بشرط أن يكون حق الرأسمالي المتقدم بصورة نسبة مئوية ، وإذا حصلت خسارة فانه هو الذي يتحملها فقط ، أما العامل فقد خسر عمله ، وهذا هو معنى تحرك الميزان من جانبين ، وهو جائز اقتصادياً أيضاً ، ولكن هذا يختلف بصورة جوهرية عن الفائدة بمفهومها الرأسمالي التي تضمن له أجراً ثابتاً منفصلاً عن نتائج العملية التجارية.
__________________
(١) وسائل الشيعة / ج ١٣ / باب ٢٣ من أبواب الاجارة / ح ١ ص ٢٦٥.