جاهلي ، ونظم فيهم قصيدته التي يقول فيها :
ذهبت قريش بالمكارم والعُلا |
|
واللؤم تحت عمائم الأنصارِ (١) |
ولا يصعب علينا أن نعرف الدوافع التي دفعت معاوية إلى اتّخاذ هذا الموقف من الأنصار ، فقد كانوا يقفون في صف المعارضة للحكم الأموي إلى جانب الأُسر القرشية البارزة التي أحفظها أن تفوز أميّة بالحكم دونها ؛ لأنّهم لم ينظروا بعين الارتياح إلى استيلاء أعداء الإسلام ونبيّه على الحكم بهذه السهولة ، ولعلّه قدّر أنّ إثارة الأحقاد القديمة التي خلّفتها حروب الإسلام القديمة كفيلة بأن تنال من هذا الاتّحاد بين الأنصار وبين المنافسين لأميّة من قريش.
ومن جهة أخرى نراه يسعى إلى تفتيت وحدة الأنصار بإثارة الأحقاد الجاهليّة التي كانت بين الحيين الأوس والخزرج ، فيضرب إحدى القبيلتين بالاُخرى. وقد توصّل إلى ذلك ببراعة ؛ فقد كان يوعز إلى المعنيين بإنشاد الشعر الجاهلي الذي تهاجت به القبائل قبل الإسلام. قال أبو الفرج الأصفهاني :
«كان طويس ولعاً بالشعر الذي قالته الأوس والخزرج في حروبهم ، وكان يريد بذلك الإغراء ، فقلّ مجلس اجتمع فيه هذان الحيّان فغنى فيه طويس إلاّ وقع فيه شيء ... فكان يُبدي السرائر ويُخرج الضغائن» (٢).
وهذا عبد الله بن قيس الغطفاني ، من قيس عيلان اعتدى على كثير بن شهاب الحارثي ، فكتب ناس من اليمانية إلى معاوية أنّ سيدنا ضربه
__________________
(١) أحمد الشايب : تاريخ الشعر السياسي : ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٢) الأغاني (طبعة الساسي) ٢ / ١٧٠ ، وتأريخ الإسلام السياسي ١ / ٥٣٥. وفجر الإسلام : ٢٨٠.