مسجد النبي صلىاللهعليهوآله في المدينة ، والذي سبق البيعة لعثمان وبدا واضحاً أنّ قريشاً اعتبرت الخلافة مؤسسة من مؤسساتها ، وشأناً من شؤونها الخاصّة ، وليس لأيّ من المسلمين أن يتقدّم في الخلافة برأي يتنافى ورغباتها.
هذا عبد الله بن أبي ربيعة بن المُغيرة المخزومي يقول للمقداد بن عمرو :
«يابن الحليف العسيف ، ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش» (١).
وقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح الاُموي :
«أيّها الملأ ، إنّ أردتم ألاّ تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان» (٢).
أمّا عمار بن ياسر قال :
«إنّ أردتم ألاّ يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا علياً» (٣).
فعلي كان مرشح الأكثرية المسلمة ، ولكن عثمان ـ مرشح الأُرستقراطية القرشية ـ فاز بالبيعة دون علي بن أبي طالب.
فقد آلت الشّورى إذاً في النتيجة إلى استيلاء الاُمويِّين ـ في شخص عثمان ـ على الحكم ، ولكنّها خلقت مواقف مختلفة من هذه النتيجة ، حيث بدأ التفكير في الخلافة يتسرّب إلى نفوس هؤلاء المرشّحين من رجال الشّورى ، وغدا كلّ واحد منهم يرجوها لنفسه بعد أن رشّحه لها عمر. وطمح إلى الخلافة رجال غير رجال الشّورى من قريش ؛ لأنّهم رأوا أنّ بعض مَنْ رشّحهم عمر لا يفضلونهم في شيء ، بل ربّما امتازوا عليهم في أشياء كثيرة.
__________________
(١) و (٢) و (٣) المصدر السابق ٩ / ٥٢ ، والطبري ٤ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.