يتمحل من احتمال عطف «ويصلي» على قوله : «ولا يجوز أن يصلي» أو على قوله : «لا يتقدم» ، وهو (١) تعسف ظاهر عند ذوي الأفهام ، بل ممّا يجلّ عنه كلام الإمام الذي هو إمام الكلام ؛ إذ لا يخفى على من عضّ على البلاغة بضرس قاطع ، وتتبع كلام البلغاء في جملة المواضع أن المتبادر من قول القائل : ما جاءني زيد وجاءني عمرو ، إنما هو نفي المجيء عن زيد مع إثباته لعمرو ، لا نفيه عنه أيضا.
ومتى أريد نفي المجيء عن عمرو اعيدت أداة النفي ، فقيل : ما جاءني زيد ولا عمرو (٢) ، كما هو مذكور في الرواية التي استند إليها الخصم.
وحينئذ ، فإذا كان الشيخ قدسسره قد روى الرواية المذكورة بهذا اللفظ الدال على جواز المساواة ـ ومما لا ريب فيه عند المحدّثين ولا خلاف فيه بين المحققين ، هو ترجيح العمل بروايات الكتب الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار والأمصار ، لشهرتها ومعلوميتها ، كالشمس في دائرة النهار ، حتى إن المشهور بين أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ هو الاقتصار في الأحكام على ما فيها خاصة دون غيرها من كتب الأخبار ؛ لوجوه حرروها وأدلة ذكروها ، وإن كنا لا نعتمد ذلك ولا نرتضيه ، إلّا إنه في مقام التعارض بين ما فيها وفي غيرها فالترجيح لما فيها البتة ، ولا سيما مع صحة السند كما ذكرناه وضعف الرواية المقابلة. وحينئذ ، فيتعين العمل على رواية (التهذيب) ويسقط العمل بتلك الرواية بالكلية ، كما [هي] (٣) قضيّة الترجيح في مقام التعارض من تقديم العمل بالراجح وإرجاء المرجوح ، سيما مع تأيّد رواية (التهذيب) بالأخبار الآتية ، وعمل الأصحاب قديما وحديثا بها ، مع غض الطرف عن الترجيح فالمقام لنا فسيح وأي فسيح ـ
__________________
(١) في «ح» : فهو.
(٢) في «ح» بعدها : وهو.
(٣) في النسختين : هو.