كما رأت فاطمة عليهاالسلام ، حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلىاللهعليهوآله شاة كما رأت فاطمة عليهاالسلام فأمر بذبحها فذبحت وشويت ، فلمّا أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم ، تبكي مخافة أن يموتوا ، فطلبها رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى وقع عليها وهي تبكي ، فقال : ما شأنك يا بنية؟ قالت : يا رسول الله ، رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته ، فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون.
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فصلى ركعتين ، ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد هذا شيطان يقال له الزها ، وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ، ويؤذي (١) المؤمنين في نومهم بما يغتمون به.
فأمر جبرئيل عليهالسلام فجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال له : أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال : نعم يا محمد. فبزق عليه ثلاث بزقات ، فشجّه في ثلاثة مواضع.
ثم قال جبرئيل لمحمد صلىاللهعليهوآله : يا محمد (٢) إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه ، أو رأى أحد من المؤمنين ، فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياي. ويقرأ الحمد والمعوذتين ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣) ؛ ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنه لا يضره ما رأى ، فأنزل الله على رسوله (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) الآية» (٤).
ووجه الإشكال في هذا الخبر من وجهين :
أحدهما : ما يدل عليه بظاهره من تمثل الشيطان بصورهم عليهمالسلام ، لتصريح الخبر بأن الشيطان المذكور هو الذي أرى فاطمة عليهاالسلام هذه الرؤيا. وقد دل الخبر المذكور وغيره على أن الشيطان لا يتمثّل بصورة أحدهم ، بل ولا أحد من شيعتهم كما عرفت.
__________________
(١) كذا في المصدر ، والظاهر أنها : يري.
(٢) قوله عليهالسلام : يا محمد ، ليس في «ح».
(٣) الإخلاص : ١.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨.