وروي أنه صلىاللهعليهوآله قال لهم يوم احد : «رأيت في سيفي ثلمة ، ورأيت كأني مردف كبشا» (١) ، فتأول ثلمة السيف أنه يصاب في أصحابه ، وأنه يقتل كبش القوم. ومتى اضيفت هذه الروايات إلى ما ذكره بطلت القسمة وسقط الحساب الذي (٢) ذكره (٣).
وبالجملة ، فالظاهر حمل الخبر على أحد المعنيين اللذين ذكرناهما أولا لا غير.
وثانيهما : في بيان السبب لهذه النسبة المخصوصة ـ أعني : كونها جزءا من سبعين جزءا ـ فقيل : يحتمل أن تكون هذه التجزئة من طريق الوحي ، وأن (٤) منه ما سمع من الله تعالى بدون واسطة ، كما قال الله تعالى (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) (٥) ، ومنه ما سمع بواسطة الملك ، ومنه ما يلقى في القلب ، كما قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلّا وَحْيٌ يُوحى) (٦) أي إلهام ، ومنه ما يأتي به الملك وهو (٧) على صورته ، ومنه ما يأتيه به وهو على صورة آدمي ، ومنه ما يأتيه في منامه بحقيقته ، ومنه ما يأتيه تمثال أحيانا يسمع الصوت ويرى الضوء ، ومنه ما يأتيه كصلصلة الجرس ، ومنه ما يلقيه روح القدس في روعه ، إلى غير ذلك ممّا وقفنا عليه ومما لم نقف عليه.
ويكون مجموع الطرق سبعين ، ولا يلزم أن نبيّن تلك الأجزاء كملا ؛ لأنه لا يلزم العلماء أن يعلموا كلّ شيء جملة وتفصيلا ، وقد جعل الله سبحانه لهم في ذلك حدا يوقف عنده ؛ فمنها ما لا يعلم أصلا ، ومنها ما يعلم جملة ولا يعلم تفصيلا ـ وهذا منه ـ ومنها ما يعلم جملة وتفصيلا ، لا سيما فيما طريقه السمع وبيّنه الشارع.
__________________
(١) كنز العمّال ١٥ : ٣٨٠ / ٤١٤٦٧ ، وفيه : رأيت كأني مردف كبشا ، وكأن ظبة سيفي انكسرت.
(٢) ليست في «ح».
(٣) شطب عنها في «ح».
(٤) في «ح» : فان.
(٥) الأحزاب : ٥٣ ، الشورى : ٥١.
(٦) النجم : ٤.
(٧) من «ح».