لتكميل عقولهم ، وأما مثلي فلا حاجة به إليك (١).
ألا ترى إلى ما تحكم به الحكماء من أحوال الأفلاك السماوية والأقاليم الأرضية كما هو مذكور في علم الهيئة المدون في كلامهم؟ كما قيل : إن فيثاغورس صاحب (علم الموسيقى) وضع الألحان على أصوات حركات الفلك (٢).
ونقل عن بطليموس أنه عرف حركات الأفلاك (٣) ، ثم أخذ ذلك صوفية العامة لمّا ابتدعوا هذه المقالة في عصر الأئمَّة عليهمالسلام لمعارضتهم عليهمالسلام والرد عليهم ، وجروا على قواعد الفلاسفة في أكثر أحكامهم وقواعدهم ، وادّعوا لأنفسهم هذه المكاشفات والإخبار بالمغيّبات والكرامات ، وتبعهم ضلّال العامة العمياء ، ونقلوا لهم من المعجزات والكرامات ما هو مذكور في كتبهم كما لا يخفى على من طالعها.
وجميع ذلك إنما قصدوا به يومئذ معارضة الأئمَّة ـ صلوات الله عليهم ـ فيما يأتون به من المعجزات والكرامات ، ثم انتهى الأمر إلى أن قال بهذه المقالة جملة من الشيعة الذين أخذوا من قواعد الفلسفة ، وسلكوا تلك المسالك المتعسفة ، حتى ادّعوا ـ لفرط غلوهم في القول بمذهب الصوفية ـ أن صوفية زمانهم عليهمالسلام كانوا من خلص الشيعة الإمامية كما صرّح به جملة منهم ، كالقاضي نور الله في (مجالس
__________________
(١) انظر : الأنوار النعمانية ٣ : ١٣٠. ويذكر أن كتب التراجم التي بين أيدينا تشير إلى أن أفلاطون عاش قبل النبي عيسى عليهالسلام بأربعة قرون تقريبا ، فهو قد توفي عام (٣٤٧) ق. م كما في موسوعة المورد ٨ : ٤٨ ، الموسوعة الفلسفية المختصرة : ٤٥ ، موسوعة أعلام الفلسفة ١ : ٩٧ ، المنجد (الأعلام) ٢ : ٥٨. ويبعد حمله على أفلوطين أيضا ؛ إذ إنه توفي عام (٢٧٠) م كما في موسوعة المورد ٨ : ٥١ ، موسوعة أعلام الفلسفة ١ : ١٠٦ ، المنجد (الأعلام) ٢ : ٥٨.
(٢) انظر رسائل إخوان الصفا ١ : ٢٠٨.
(٣) انظر الملل والنحل ٢ : ٤٠٤ ، بالمعنى.