ذلك) (١). وإلى هذا مال بعض أفاضل متأخري المتأخرين في شرح له على (الصحيفة السجّادية) ، قال : (وتوضيح المرام أن قوله عليهالسلام : «لك يا إلهي وحدانية العدد» يفسّره قوله عليهالسلام : «ومن سواك ... مختلف الحالات ، منتقل في الصفات؟» (٢) ، فإنه عليهالسلام قابل كلّ فقرة من الفقرات الأربع المتضمنة للصفات الّتي قصرها عليه سبحانه بفقرة متضمنة لخلافها فيمن سواه على طريق اللف والنشر الذي يسميه أرباب البديع (معكوس الترتيب) (٣).
إذا علمت ذلك ظهر لك أن المراد بوحدانية العدد له [تعالى] معنى يخالف معنى اختلاف الحالات والتنقل في الصفات لغيره سبحانه. فيكون المقصود إثبات وحدانية ما تعدد من صفاته وتكثر من جهاته ، وأن عددها وكثرتها في الاعتبارات والمفهومات لا يقتضي اختلافا في الجهات والحيثيات ، ولا تركيبا من الأجزاء ، بل جميع نعوته وصفاته المتعددة موجودة بوجود ذاته. وحيثيّة ذاته بعينها حيثية علمه وقدرته وسائر صفاته الإيجابية ، فلا تعدد فيها ولا تكثير فيها أصلا ، بل هي وحدانية العدد موجودة بوجود واحد بسيط من كل وجه ؛ إذ كل منها عين ذاته ؛ فلو تعددت لزم كون الذات الواحدة ذواتا).
إلى أن قال : (وبالجملة ، فمعنى قصر وحدانية العدد عليه سبحانه : نفي التعدد والتكثر والاختلاف عن الذات والصفات على الإطلاق. وهذا المعنى مقصور عليه سبحانه لا يتجاوزه إلى غيره) (٤) انتهى ملخّصا ، وهو جيد. وحاصله أن ما كان متعددا بالنسبة إلى غيرك من الذات المباينة للصفات المتعددة المتغايرة
__________________
(١) انظر رياض السالكين ٤ : ٢٩٥.
(٢) الصحيفة الكاملة السجّادية : ٧٦.
(٣) اللف والنشر : ذكر متعدد على التفصيل أو الإجمال ثم ذكر ما لكل واحد من آحاد هذا المتعدّد. شرح المختصر ٢ : ١٤٣.
(٤) رياض السالكين ٤ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، ٢٩٧.