وقد تقدمه في هذا الكلام شيخنا الشهيد رحمهالله في قواعده (١).
وخامسها : ما ذكره أيضا في الكتاب المذكور من أنه قد ورد من طريق الخاصة (٢) والعامّة (٣) أن الله سبحانه يظهر للعبد عند الاحتضار من اللطف والكرامة والبشارة بالجنة ما يزيل عنه كراهة الموت ، ويوجب رغبته في الانتقال إلى دار القرار ، فيقل تأذيه ويصير راضيا بنزوله ، راغبا في حصوله. وأشبهت هذه المعاملة من يريد أن يؤلم حبيبه ألما يتعقّبه نفع عظيم ، فهو يتردّد في أنه كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقل تأذّيه ، فلا يزال يظهر له ما يرغبه فيما يتعقبه من اللذة الجسيمة والراحة العظيمة إلى أن يتلقاه بالقبول ، ويعده من الغنائم المؤدّية إلى إدراك المأمول (٤). انتهى.
أقول : ويؤيد هذا الوجه ما رواه في (الكافي) بسنده عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال الله عزوجل : من استذلّ عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة ، وما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في عبدي المؤمن ، إني احب لقاءه فيكره الموت فأصرفه عنه» (٥) ، بناء على إرجاع الضمير في «أصرفه» إلى كره الموت ، بمعنى أن أظهر له من اللطف والكرامة والبشارة بالجنة ما يزيل عنه كراهة الموت ويرغب في لقائي.
وسادسها : ما نقله شيخنا الشهيد رحمهالله في قواعده عن بعض الفضلاء ، وهو (أن
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ١٨١ ـ ١٨٣ / القاعدة : ٢١٢.
(٢) انظر : الكافي ٣ : ١٢٨ ـ ١٣٥ ، باب ما يعاين المؤمن والكافر ، بحار الأنوار ٦ : ١٧٣ ـ ٢٠٢ / باب ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت ...
(٣) صحيح البخاري ٥ : ٢٣٨٦ / ٦١٤٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٢٥ / ٤٢٦٤.
(٤) الأربعون حديثا : ٤١٧ / شرح الحديث : ٣٥ ، عنه في شرح الكافي (المازندراني) ٩ :١٨٣.
(٥) الكافي ٢ : ٣٥٤ / ١١ ، باب من آذى المسلمين واحتقرهم.