العلم ، فالوقوف (١) على ساحل التوقف (٢) مستفيضة (٣).
نعم ، يأتي على مذهب القائلين بحجّية البراءة الأصليّة عدم تحتّم الاحتياط مع فقد العلم وإن استحبّ ، بل العمل بموجب البراءة الأصليّة. وسيأتي في بعض درر هذا الكتاب (٤) إن شاء الله تعالى حكم البراءة الأصليّة وبيان عدم حجيّتها.
وأمّا الحكم في الثاني ، فليس مثل الأوّل في وجوب الفحص والسؤال ، بل كثيرا ما ورد في الأخبار في بعض أفراده النهي عن السؤال (٥) ، وهو غير منضبط ولا مبنيّ على قاعدة كالأوّل ، فربما اعتبر الشارع (٦) البناء فيه على الأصل تارة ، كالبناء على الطهارة ، لما ورد أن «كلّ شيء طاهر ، حتى تعلم أنه قذر» (٧).
والأصل هنا بمعنى الراجح الذي هو أحد معانيه ، وربما اعتبر تارة البناء على الظاهر ، كما في الحكم بحلّيّة الأشياء وإن علم فيها الحرام لا بعينه لما ورد أن «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ، حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه» (٨) ، فإن مرجع الحكم بالحلّيّة إلى عدم العلم بكونه محرما وإن كان كذلك في نفس الأمر.
وربما اعتبر البناء على الجهل ، كالتزويج في العدّة مع العلم بالتحريم وجهل العدة ، فإنه يجوز له التزويج ، ولا يجب عليه الفحص والسؤال ، ولا الاحتياط ؛ وإن كان
__________________
(١) في «ح» : والوقف.
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : الوقف.
(٣) انظر وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢.
(٤) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرة : ٦.
(٥) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.
(٦) في الأخبار الدالّة على النهي عن السؤال في اشتراء الجبن والشراء من سوق المسلمين ، وفيها صحيحة البزنطيّ في شراء الجيّد من السوق ، ونحوها. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٧) تهذيب الأحكام ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ ، أبواب النجاسات ، ب ٣٧ ، ح ٤ ، وفيهما : «نظيف» بدل : «طاهر».
(٨) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٩ ، باب نوادر كتاب المعيشة ، الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢ ، وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤ ، باختلاف فيها.