سبق للمصلي الحدث فيها بالتحريمة الأولى ، ويقابله الاستئناف. هكذا يستفاد من جامع الرموز في فصل مصلّ سبقه الحدث. وعند الصرفيين والنحاة يطلق على عدم اختلاف آخر الكلمة باختلاف العوامل ويجيء تحقيقه في لفظ المعرب. ويطلق أيضا على الهيئة الحاصلة للّفظ باعتبار ترتيب الحروف وحركاتها وسكناتها ، وقد سبق تحقيقه في بيان علم الصرف في المقدمة ، ويسمّى بالصيغة والوزن أيضا. وقد يقال الصيغة والبناء والوزن لمجموع المادّة والهيئة أيضا صرّح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية ، وستعرف في لفظ الوزن تحقيق هذا المقام.
التقسيم
ينقسم البناء عندهم إلى ثلاثي ورباعي وخماسي لأنّه إن كانت في الكلمة ثلاثة أحرف أصول فثلاثي ، وإن كانت في الكلمة أربعة أحرف أصول فرباعي ، وإن كانت خمسة فخماسي. قال الرّضي في شرح الشافية لم يتعرّض النّحاة لأبنية الحروف لندور تصرّفها ، وكذا الأسماء العريقة البناء كمن وما. ولا يكون الفعل خماسيا لأنه إذا يصير ثقيلا بما يلحقه مطّردا من حروف المضارعة ، وعلامة اسم الفاعل واسم المفعول والضّمائر المرفوعة التي هي كالجزء منه. ثمّ إنّ مذهب سيبويه وجمهور النحاة أنّ الرباعي والخماسي صنفان غير الثلاثي. وقال الفراء والكسائي (١) بل أصلهما الثلاثي. وقال الفرّاء : الزائد في الرباعي حرفه الأخير ، وفي الخماسي الحرفان الأخيران. وقال الكسائي الزائد في الرباعي الحرف الذي قبل آخره ، ولا دليل على ما قالا ، وقد ناقضا قولهما باتفاقهما على وزن جعفر فعلل ، ووزن سفرجل فعللل ، مع اتفاق الجميع على أنّ الزائد إذا لم يكن تكريرا يوزن بلفظة انتهى. وكلّ منهما مجرّد ومزيد ، فالمجرّد ما لا يكون فيه حرف زائد والمزيد ما يكون فيه حرف زائد.
ولا يجوز الاسم سبعة أحرف ولا يجوز زيادته أربعة أحرف ، ولا يجوز الفعل ستة أحرف ولا يجوز زيادته ثلاثة أحرف ، فنهاية الزيادة في الثلاثي من الاسم أربعة أحرف ، وفي الرباعي منه ثلاثة ، وفي الخماسي منه اثنان ، وفي الثلاثي من الفعل ثلاثة ، وفي الرباعي منه اثنان ، كذا في الأصول الأكبري وحواشيه. وفي بعض الكتب لا يكون الفعل المضارع مجرّدا أبدا بل مزيدا ثلاثيا أو رباعيا ، وكذا الأمر واسم الفاعل والمفعول ونحوها.
وينقسم البناء أيضا إلى صحيح وغير صحيح ، وغير الصحيح إلى معتلّ ومهموز ومضاعف ، لأن البناء لا يخلو إمّا أن لا يكون أحد من حروفه الأصول حرف علّة ولا همزة ولا تضعيفا ، أو يكون ، والأول هو الصحيح ، والثاني ثلاثة أقسام لأنّه إن كان أحد حروفه الأصول حرف علّة يسمّى معتلا ، وإن كان أحدها همزة يسمّى مهموزا ، وإن كان أحدها مكررا يسمّى مضاعفا. ففي الثلاثي ما يكون عينه ولامه أو فاؤه وعينه متماثلين ، وفي الرباعي ما يكون فاؤه ولامه الأولى متماثلين مع تماثل عينه ولامه الثانية كزلزل ، وهذا هو التقسيم المشهور بين الجمهور. وعند البعض الصحيح ما لا يكون معتلا ، فالمهموز والمضاعف حينئذ من أقسام الصحيح. قال الرّضي في شرح الشافية : تنقسم الأبنية إلى صحيح ومعتلّ ، فالمعتلّ ما فيه حرف علّة أي في حروفه
__________________
(١) الكسائي : هو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي الكوفي ، أبو الحسن الكسائي. ولد بالقرب من الكوفة وتوفي بالريّ عام ١٨٩ هـ / ٨٠٥ م. إمام في اللغة والنحو والقراءات. له العديد من المصنفات الهامة. الأعلام ٤ / ٢٨٣ ، غاية النهاية ١ / ٥٣٥ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٣٠ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٣ ، طبقات النحويين ١٣٨ ، إنباه الرواة ٢ / ٢٥٦.