لَشَهِيدٌ) (١) انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى ، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه إلى الإخبار عن الإنسان بقوله (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٢). قال وهذا يحسن أن يسمّى التفات الضمائر. الخامس يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر ذكره التنوخي وابن الأثير وهو ستة أقسام أيضا. مثاله من الواحد إلى الاثنين (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) (٣) وإلى الجمع (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (٤) ومن الاثنين إلى الواحد (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) (٥) (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) (٦) وإلى الجمع (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (٧) ، ومن الجمع إلى الواحد (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٨) وإلى الاثنين (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) (٩) إلى قوله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). السادس يقرب من الالتفات أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر منها. مثاله من الماضي إلى المضارع (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (١٠) وإلى الأمر (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) (١١) و (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) (١٢) ومن المضارع إلى الماضي (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) (١٣) وإلى الأمر (قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ) (١٤) ومن الأمر إلى الماضي (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ) (١٥) وإلى المضارع (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (١٦) كذا في الإتقان في نوع بدائع القرآن. السابع قال صاحب الأطول : لا يخفى أن التعبير عن معنى يقتضي المقام التعبير عنه بلفظ مذكر بلفظ مؤنث وبالعكس ، وكذا التعبير بمذكر بعد التعبير بمؤنث ينبغي أن يجعل تحت الالتفات ولو لم يثبت أنها جعلت التفاتا فنجعلها ملحقات به.
فائدة :
قال البعض : الالتفات من البيان ، وقيل من البديع. ولذا ذكره السكّاكي في علم البديع.
فائدة :
وجه حسن الالتفات أن الكلام إذا نقل من أسلوب يتوقعه السامع إلى أسلوب لا يتوقعه سواء وجد المتوقع قبل غير المتوقع كما في الالتفات المشهور أو لم يوجد كما في الالتفات السكّاكي كان أحسن نظرية لنشاط السامع وأكثر إيقاظا للإصغاء إليه ، كذا في الأطول.
__________________
(١) العاديات / ٦ ـ ٧.
(٢) العاديات / ٨.
(٣) يونس / ٧٨.
(٤) الطلاق / ١.
(٥) طه / ٤٩.
(٦) طه / ١١٧.
(٧) يونس / ٨٧.
(٨) يونس / ٨٧.
(٩) الرحمن / ٣٣.
(١٠) الحج / ٢٥.
(١١) الأعراف / ٢٩.
(١٢) المائدة / ١.
(١٣) النمل / ٨٧.
(١٤) هود / ٥٤.
(١٥) البقرة / ١٢٥.
(١٦) الأنعام / ٧٢.