كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوجا وإمّا أن يكون فردا. وإمّا في الصدق فقط ، أي من غير أن تتنافيا في الكذب بل يمكن اجتماعهما على الكذب وتسمّى مانعة الجمع كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء شجرا وإمّا أن يكون حجرا. وإمّا في الكذب فقط ، أي من غير أن تتنافيا في الصدق وتسمّى مانعة الخلوّ كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء لا شجرا وإمّا أن يكون لا حجرا. والمنفصلة السّالبة هي التي يحكم فيها بسلب ذلك التنافي إمّا فيهما معا ، وتسمّى حقيقية كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا الحيوان إنسانا وإمّا أن يكون كاتبا ، أو في الصدق فقط وتسمّى مانعة الجمع كقولنا ليس إمّا أن يكون زيد إنسانا أو يكون ناطقا ، أو في الكذب فقط وتسمّى مانعة الخلو كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا إنسانا أو يكون فرسا. ثم المنفصلة مطلقا حقيقية كانت أو مانعة الجمع أو مانعة الخلو موجبة كانت أو سالبة إن حكم فيها بالتّنافي أو بسلب التّنافي مطلقا سميّت منفصلة مطلقة. وإن قيّد التنافي أو سلبه بالعناد سمّيت منفصلة عنادية. وإن قيّد بالاتفاق سمّيت منفصلة اتّفاقية.
اعلم أنّ كلّية الشّرطية أي كونها كلّية أن يكون التالي لازما في المتّصلة اللزومية ومعاندا في المنفصلة العنادية على جميع التقادير (١) ، أي الأوضاع التي لا تنافي مقدمية المقدّم أي يمكن حصول المقدّم عليها سواء كانت محالة في أنفسها كقولنا كلّما كان الفرس إنسانا كان حيوانا ، فإنّ معناه أنّ لزوم حيوانية الفرس ثابت للإنسانية على جميع الأوضاع التي يمكن اجتماعها مع إنسانية الفرس من كونه ضاحكا أو كاتبا أو ناطقا ، إلى غير ذلك ؛ وهي محالة في أنفسها أو لم تكن محالة كقولنا كلّما كان زيد إنسانا كان حيوانا ، فمعناه أنّ لزوم حيوانية زيد للإنسانية ثابت مع كل وضع يمكن أي يجامع إنسانية زيد من كونه قائما أو قاعدا أو كاتبا إلى غير ذلك ، وهي ممكنة في أنفسها. وجزئية الشّرطية أن يكون التالي لازما أو معاندا للمقدّم على وضع معيّن ، وإهمالها بإهمال الأوضاع ، والأمثلة غير خافية.
وبالجملة فالحكم في الشرطية إن كان على تقدير معيّن فالشّرطية مخصوصة وشخصيّة ، وإلاّ فإن بيّن كمية الحكم بأنّه على جميع التقادير أو بعضها فمحصورة كلّية أو جزئية ، وإلاّ فمهملة ، والطبيعية هاهنا غير معقولة.
الشّرع : [في الانكليزية] Law ، religious law ـ [في الفرنسية] Loi ، loi religieuse
بالفتح وسكون الراء المهملة لغة مشرعة الماء ، وهو مورد الشاربة والشريعة كذلك أيضا. وشرعا ما شرع الله تعالى لعبادة من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء صلىاللهعليهوسلم وعلى نبينا وسلم سواء كانت متعلّقة بكيفية عمل وتسمّى فرعية وعملية ، ودوّن لها علم الفقه ، أو بكيفية الاعتقاد وتسمّى أصلية واعتقادية ، ودوّن لها علم الكلام. ويسمّى الشرع أيضا بالدين والملّة ، فإنّ تلك الأحكام من حيث إنّها تطاع لها (٢) دين ، ومن حيث إنّها تملى وتكتب ملّة ، ومن حيث إنّها مشروعة شرع. فالتفاوت بينها بحسب الاعتبار لا بالذات ، إلاّ أنّ الشريعة والملّة تضافان إلى النبي عليهالسلام وإلى الأمة فقط استعمالا ، والدين يضاف إلى الله تعالى أيضا. وقد يعبّر عنه بعبارة أخرى فيقال : هو وضع إلهي يسوق ذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذّات ، وهو ما يصلحهم في معاشهم ومعادهم ، فإنّ الوضع الإلهي هو الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء عليهم وعلى نبينا
__________________
(١) التقارير (م).
(٢) لها (ـ م).