تسويةً بين نواقض الطهارتين.
وذهب جماعة من الأصحاب منهم : المفيد (١) والشيخ في النهاية (٢) إلى أنّ المصلّي متيمّماً لو أحدث في الصلاة ناسياً ووجد الماء ، تطهّر ، وبنى مع عدم الاستدبار وتعمّد الكلام.
واستندوا في ذلك إلى صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : قلت له : رجل دخل في الصلاة وهو متيمّم فصلّى ركعة ثمّ أحدث فأصاب الماء ، قال : «يخرج ويتوضّأ ثمّ يبني على ما بقي (٣) من صلاته التي صلّى بالتيمّم» (٤).
وقريب منه روى زرارة عن الباقر عليهالسلام (٥).
وقد سبق في المبطون حكم يقرب منه ، وروايات صحيحة فيه أيضاً.
ومال في المعتبر إلى ذلك ؛ لصحّة الرواية وشهرتها وعمل أكابر بها ، وأيّدها بأنّ الواقع من الصلاة وقع مشروعاً مع بقاء الحدث ، فلا يبطل بزوال الاستباحة ، كصلاة المبطون إذا فجأه الحدث ، بخلاف المصلّي بالطهارة المائيّة ؛ لأنّ حدثه مرتفع ، فالحدث المتجدّد رافع لطهارته ، فتبطل.
قال : ولأنّ الإجماع على أنّ الحدث عمداً يُبطل الصلاة ، فيخرج من إطلاق الرواية ، ويتعيّن حملها على غير صورة العمد ؛ لأنّ الإجماع لا يصادمه (٦).
وردّها المصنّف في المختلف باشتراط الصلاة بدوام الطهارة ، وبالتسوية المتقدّمة ، وبأنّ التروك متى كانت من النواقض لم يفترق العامد فيها والساهي. وأوّلَ الروايةَ بحمل الركعة على الصلاة تسميةً للكلّ بالجزء ، وبأنّ المراد بما مضى من صلاته ما سبق من الصلوات السابقة على وجدان الماء (٧).
ولا يخفى أنّ ردّه المذكور عين المصادرة ؛ فإنّ اشتراط دوام الطهارة مطلقاً وعدم الفرق
__________________
(١) المقنعة : ٦١.
(٢) النهاية : ٤٨.
(٣) كذا ، وفي المصدر : «مضى» بدل «بقي» ولاحِظْ ما سيأتي من الشارح (رحمهالله) عند ردّه على العلامة الحلّي (رحمهالله).
(٤) التهذيب ١ : ٢٠٤ ٢٠٥ / ٥٩٤.
(٥) الفقيه ١ : ٥٨ / ٢١٤ ؛ الاستبصار ١ : ١٦٧ ١٦٨ / ٥٨٠.
(٦) المعتبر ١ : ٤٠٧.
(٧) مختلف الشيعة ١ : ٢٨١ ٢٨٣ ، المسألة ٢٠٩.