التحريم جرياً له على بابه وحقيقته ؛ لعدم المعارض المقتضي لحملة على غيرها ، وحمل الثاني وهو قوله : «ولا أكثر» على الكراهة ؛ لاقتضاء تعارض الأخبار وجوب الجمع مع الإمكان ، وهو هنا ممكن.
والمصنّف رحمهالله حمل النهي فيها على التحريم (١) في الموضعين حذراً من ذلك ، والمحقّق في المعتبر (٢) حمله على الكراهة فيهما ؛ لما ثبت هنا.
وفرقهما أولى وإن كان خلاف الظاهر ؛ لما ذكرناه من العارض الموجب له ، والله أعلم.
(ويجب الجهر) بالقراءة (في الصبح وأوّلتي المغرب وأوّلتي العشاء ، والإخفات) بها (في البواقي) وهي الظهران مطلقاً وأخيرة المغرب وأخيرتا العشاء ، سواء قرأ فيهما أم عوّض عنه بالتسبيح على المشهور.
والقول بوجوب الجهر والإخفات في مواضعهما هو المشهور بين الأصحاب ، بل ادّعى الشيخ فيه الإجماع (٣).
ومستنده مع ذلك رواية زرارة عن أبي جعفر في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه ، فقال : «إن فعل ذلك متعمّداً فقد نقض صلاته ، وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه ، وقد تمّت صلاته» (٤).
ونقل عن المرتضى وابن الجنيد القول باستحبابهما (٥). والعمل على المشهور.
واحترزنا بالتقييد بالقراءة عن باقي الأذكار ، كالتكبير والتسبيح والتشهّد والتسليم ؛ فإنّ الجهر والإخفات فيها غير متعيّن.
وحكمهما مختصّ بالرجل دون المرأة ، فترك التصريح به في العبارة إخلال ؛ إذ ليس في السياق إشعار به ، فإنّ البحث السابق كلّه مشترك بينهما ، والإجماع على أنّ المرأة
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٤٨.
(٢) المعتبر ٢ : ١٧٤.
(٣) الخلاف ١ : ٣٧١ ٣٧٢ ، المسألة ١٣٠.
(٤) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ؛ التهذيب ٢ : ١٦٢ / ٦٣٥ ؛ الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٣.
(٥) حكاه عنهما المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ١٧٦.