بالقران بين سورتين ؛ لشموله زيادة كلمة لغير غرض صحيح ، كالإصلاح ، فضلاً عن سورة ، ولا يتحقّق القرآن حقيقةً فيما دون السورة ، فإنّ بعض السورة لا يصدق عليه اسم السورة إلا مجازاً.
والقول بعدم إجزاء القراءة مع الزيادة ، المقتضي للتحريم هو قول جماعة من الأصحاب كالمرتضى (١) والشيخ في أكثر كتبه (٢) ، وقد تقدّم ما يدلّ عليه في رواية منصور ابن حازم عن الصادق عليهالسلام «لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة ولا أكثر» (٣) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام في الرجل يقرأ السورتين في الركعة الأُولى ، فقال : «لا ، لكلّ سورة ركعة» (٤) ونحوهما أخبار أُخرى ظاهرها التحريم.
وذهب جماعة من المتأخّرين منهم الشهيد (٥) رحمهالله إلى الكراهة ؛ جمعاً بين ما تقدّم وبين رواية عليّ بن يقطين عن الكاظم عليهالسلام في القرآن بين السورتين في المكتوبة والنافلة ، قال : «لا بأس» (٦) وروى زرارة عن الباقر عليهالسلام «إنّما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة ، فأمّا النافلة فلا بأس» (٧) وهي نصّ في الباب ، فالقول بالكراهة أوجه ، فإنّه أولى من اطّراح هاتين الروايتين.
بقي هنا بحث ، وهو : أنّه قد تقدّم في مسألة وجوب السورة الاحتجاج برواية منصور ابن حازم ، المذكورة على الوجوب المستفاد من النهي المقتضي للتحريم المستلزم للأمر بضدّه ، وهي العمدة في الاحتجاج ثَمَّ ، وقد حمل النهي فيها هنا على الكراهة ، فاللازم من ذلك إمّا القول بعدم وجوب السورة أو القول بتحريم القرآن ، وقد حكم جماعة بوجوب السورة وكراهة القرآن ، فلا يتمّ الاستدلال بها على الأمرين المتنافيين.
ويمكن حلّ الإشكال على تقدير تسليم انحصار الدليل على وجوب السورة في الرواية بأنّ النهي فيها متعدّد ، والحرف الدالّ عليه مكرّر ، فيجوز حمل الأوّل على
__________________
(١) الانتصار : ١٤٦ ؛ رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٢٠.
(٢) منها : الخلاف ١ : ٣٣٦ ، المسألة ٨٧ ؛ والنهاية : ٧٥ ٧٦ ؛ والتهذيب ٢ : ٢٩٦.
(٣) الكافي ٣ : ٣١٤ / ١٢ ؛ التهذيب ٢ : ٦٩ ٧٠ / ٢٥٣ ؛ الاستبصار ١ : ٣١٤ / ١١٦٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٧٠ / ٢٥٤ ؛ الاستبصار ١ : ٣١٤ / ١١٦٨.
(٥) الذكرى ٣ : ٣٢٦.
(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٦ / ١١٩٢ ؛ الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨١.
(٧) التهذيب ٢ : ٧٢ ٧٣ / ٢٦٧ ؛ الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨٠.