واعلم أنّ المحقّق في المعتبر ناقش في إلحاق الطهارة بالصلاة في الفساد ، فارقاً بينهما بأنّ الكون في المكان ليس جزءاً من الطهارة ولا شرطاً فيها ، وليس كذلك الصلاة ؛ فإنّ القيام جزء من الصلاة ، وهو منهيّ عنه ؛ لأنّه استقلال في المكان المنهيّ عن الاستقلال فيه. وكذا السجود ، فإذا بطل القيام والسجود ، بطلت الصلاة (١).
واللازم من هذا التعليل الحكم بصحّة جميع ما ذُكر غير الصلاة ؛ لمساواتها الطهارة في عدم اعتبار الكون فيها.
وأجاب الشهيد رحمهالله بأنّ الأفعال المخصوصة من ضرورتها المكان ، والأمر بها أمر بالكون مع أنّه منهيّ عنه ، وهو الذي قطع به الفاضل (٢).
(ولو أمره) الآذِن في الكون في المكان صريحاً أو فحوًى (بالخروج من) المكان (المأذون) في الكون فيه ، فإن لم يكن قد اشتغل بالصلاة والوقت متّسع ، وجب التشاغل بالخروج على الفور ؛ لمنع التصرّف في مال الغير بغير إذنه فكيف مع تصريحه بما يقتضي النهي! فلو اشتغل بالصلاة من غير خروج ، لم تصحّ ؛ لتوجّه النهي إلى العبادة فتفسد.
(و) لو كان (قد اشتغل) المأذون له (بالصلاة) قبل أمره بالخروج ، ففيه أوجُه :
أحدها وهو مختار المصنّف هنا وجماعة : أنّه يجب عليه الخروج ولكن (يتمّها) في حالة كونه (خارجاً) ولا يقطعها ؛ جمعاً بين حقّ الله تعالى وأمره بإتمام العمل وعدم إبطال العمل (٣) ، وبين حقّ الآدمي.
ويشكل باستلزامه فوات كثير من أركان الصلاة وبعض شرائطها مع إمكان الإتيان بها كاملةً إن كان الوقت متّسعاً ، أمّا لو كان ضيّقاً فلا حرج.
وثانيها : قطع الصلاة مع سعة الوقت ؛ جمعاً بين كمال الصلاة والتخلّص من حقّ الآدمي ، المبنيّ على التضيّق.
وثالثها : الاستمرار عليها من غير خروج ؛ لشروعه في صلاة صحيحة بإذن المالك ، فيحرم قطعها ؛ للنهي عن إبطال العمل.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٠٩.
(٢) الذكرى ٣ : ٨٠.
(٣) سورة محمّدُ (٤٧) : ٣٣.