واستضعفه الشهيد رحمهالله استناداً إلى أنّه إذا ترك المال لابتغاء الماء ، دخل في حيّز الثواب. (١) وهو حسن ، بل يجمع له حينئذٍ بين العوض والثواب ، وهو أعظم من الثواب وحده ، فالأولى الاستناد في الفرق إلى النصّ والغضاضة المذكورة.
والاعتبار في ثمن المثل بالنسبة إلى الماء بحسب الزمان والمكان ؛ لأنّه متقوّم في نفسه.
وربما احتمل اعتبار اجرة تحصيل الماء خاصّة بناءً على أنّ الماء لا قيمة له. وقد عرفت ضعفه.
وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين المجحف وغيره ، وما تقدّم من الأدلّة يشمله.
وقيّد المصنّف في التذكرة (٢) والشهيد في الذكرى (٣) وجوب الزائد عن ثمن المثل بعدم الإجحاف بالمال وإن كان مقدوراً ؛ للحرج.
ولو بُذل بثمن إلى أجل يقدر عليه عند الحلول ، فقد صرّح المصنّف (٤) وجماعة (٥) بالوجوب ؛ لأنّ له سبيلاً إلى تحصيل الماء.
وربما استشكل (٦) بأنّ شغل الذمّة بالدّيْن الموجب للذلّة مع عدم الوثوق بالوفاء وقت الحلول وتعريض نفسه لضرر المطالبة وإمكان عروض الموت له مشغولَ الذمّة ضرر عظيم.
وفي حكمه الاقتراض للشراء.
وتُقدّم النفقة على شراء ماء الطهارة ، أمّا الدّيْن مع عدم المطالبة فيبنى على ما ذُكر.
(وكذا) القول في (الآلة) يجب شراؤها وإن زاد ثمنها ، كما تقدّم.
ولو تعذّر الشراء وأمكن الاستئجار ، تعيّن. ولو أمكنا تخيّر ، كلّ ذلك من باب المقدّمة.
(ولو فقده) أي الماء (وجب) عليه الطلب من أصحابه ومجاوريه في رَكبٍ أو رحله ، فإن لم يجده ، وجب عليه (الطلب غَلوة سهم) بفتح الغين ، وهي مقدار الرمية من الرامي المعتدل بالآلة المعتدلة (في) الأرض (الحزنة) بسكون الزاي المعجمة ، خلاف السهلة ، وهي المشتملة على نحو الأشجار والعلوّ والهبوط. وتجب مراعاة هذا القدر (من كلّ جانب)
__________________
(١) الذكرى ١ : ١٨٤.
(٢) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٦٣ ، الفرع «أ».
(٣) الذكرى ١ : ١٨٤.
(٤) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٦٤ ، الفرع «ج».
(٥) كما في جامع المقاصد ١ : ٤٧٥ ؛ ومنهم : المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٣٧٠ ؛ والشهيد في الذكرى ١ : ١٨٤.
(٦) المستشكل هو المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٧٥.