(و) هل يجب عليه مع ذلك كفّارة؟ قيل : لا ، بل (تُستحبّ الكفّارة) كما اختاره المصنّف والشيخ في النهاية ، وجماعة من
المتأخّرين.
والمشهور
خصوصاً بين المتقدّمين كالمفيد والمرتضى وابن بابويه وغيرهم الوجوب حتى
ادّعى الشيخ فيه الإجماع.
ومنشأ القولين
من اختلاف الروايات.
فالأوّل استند
مع أصالة البراءة إلى ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا
عبد الله عليهالسلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال لا يلتمس فعل ذلك ،
قد نهى الله أن يقربها قلت : فإن فعل عليه كفّارة؟ قال لا أعلم فيه شيئاً يستغفر
الله تعالى وهذا الخبر دالّ على عدم الكفّارة بأبلغ وجه ؛ لأنّ ما لا يعلم الإمام
وجوبه لا يكون واجباً ، وإلا لعلمه ؛ لامتناع أن يخفى عليه شيء من الأحكام والحال
أنّه حافظ للشرع ، وإلى غيره من الأخبار الدالّة على عدم الكفّارة صريحاً مع صحّة
سندها.
واستند الثاني
إلى روايات ضعيفة الإسناد ، مختلفة التقدير ، موجبة على تقدير دلالتها على الوجوب
لتأخّر البيان عن وقت الحاجة ، فحملها على الاستحباب أوجَه ، فإنّ اختلاف التقادير
في المستحبّ واقع ، كـ «تصدّقوا بتمرة» و «بشقّ تمرة» و «بصاع» و «بنصف صاع» ولا
ريب أنّ الاحتياط طريق اليقين ببراءة الذمّة.
وعلى تقديري
الوجوب والاستحباب فالكفّارة في الوطي (في أوّله) وهو ثلثه الأوّل على المختار ، كالأوّل لذات الثلاثة (بدينار) أي : مثقال ذهباً خالصاً مضروباً كانت قيمته في زمانهُ عشرة دراهم ، فلا
تجزئ القيمة ولا التبر ؛ لعدم تناول النصّ لهما ، كباقي الكفّارات.
ولو طرأ نقصان
قيمته أو زيادتها على ما كان في عهده صلىاللهعليهوآله كهذا الزمان ، احتمل بقاء حكم القيمة واعتبار الدينار
بالغاً ما بلغ.
__________________