أنا لا أظنُّ ولا أقول بإمامة مسحوبة
مِن هذا الأساس في الجوهر ، يُمكن أنْ تختلُّ موازينها في خدمة الأُمَّة وتوجيهها
نحو الصلاح والفلاح ، إنَّ التوكيد على صِحَّة ظِنِّي هو في أنَّ الإمامة هي ترتيب
جَدِّي ، الذي هو نبيُّ الأُمَّة التي هي ضميره المُشتاق ، وصدره الأوسع.
وقاطع الحسين أخاه الحسن وهو يُعلِّق :
الحسين
: ـ طبت! طبت! يا أخي الحسن ، هكذا طابت
فاطمة أُمِّي في ساحة المسجد ، وهي تفرك أُذنَي أبي بكر الخليفة ... ولكنْ ، قُلْ
لي : ـ يا أخي الحسن ـ هل كان فعلاً أبو بكر خليفة جَدِّي؟
أمَّا الحسن ، فإنَّه راح يَمضغ
الذِّكرى مَضغاً ، وهو يستأنف العرض بصوت خافت مُتقطِّع عميق الأداء ، كأنَّه نزف
النفس مِن بين الشفتين :
الحسن
: ـ أتكون ثلاث ساعات في سقيفة بني ساعدة ، بمقدار
دهر مِن العُمر ، غاص به جَدِّي في غار حِراء؟! لقد جَنى جَدِّي كلِّ عُمْق الدهر
، وكلَّ نور السماء ، وهو يرصف عقد الرسالة ، وهو ينظم خَطَّ الإمامة ، لتكون
الخلافة مِن حقيقة المَخلوف ، ومِن حقيقة الجوهر ، فأيَّة خلافة يُمكن أنْ تأتي
بها ثلاث ساعات مِن ليلٍ في سقيفة؟!!
لا يا أبا بكر ، ولا لا يا عمر ، لن
تكون خلافة النبي في مَسخ الخلافة ، وتعطيل الإمامة!!! وهكذا قد حصل ، هل نبكي؟
ولكنَّنا حزناً!!! وهل نيأس؟ ولكنَّنا تصبَّرنا وبقينا نعمل حتَّى وصلنا ، ولكنْ ـ
بعد أنْ وصلنا ـ أيَّ شيءٍ تمكنَّا مِن تحقيقه؟!!
هنالك ثلاثة عقود مَرَّت ونحن مُقعدون ،
لقد عادت مِن غفوتها العتيقة وانتعشت تلك الآفات التي كانت تخطف أنفاس الأُمَّة